الأحد، 20 ديسمبر 2015

مصدر قوّة الفن

حضرتُ مؤخراً محاضرة لمخرجة أفلام تتحدث فيها عن فلمها الأخير الذي يناقش موضوع الإسكان، تدور أحداثه في منزلها الذي عاشت فيه سبعة عشر سنة على التوالي والذي قررت الجهات الاستثمارية هدّ بناءه وتعمير"منازل حديثة" تواكب التطور ورؤية الحي مكانه. تحدّث الفلم بالدرجة الأولى عن الأشخاص داخل المبنى وكيف أن زواياه تحمل قصصهم وحال أبناءهم وأحفادهم أيضاً وكيف أنّ المباني ليست إلا بالمعنى الذي يضيفه لها ساكنوها. كانت تعمد من خلال هذه القصص إلى ترك انطباع حاد لدى المستثمرين ورغم أن مسكنها قد انتهى النقاش حوله وتقرّر تعميره من جديد دون إذن نُزلاءه إلاّ أنّ اهتمامها كان منصباً على جعل ساكنيه رمز لكل السكان الذين يمكن أن يمروا بنفس التجربة.
الفلم كان رائعاً! وجهة نظرها كانت قوية، لم تكن صارخة أو هجومية، كانت مجرّدة وواضحة واستخدمت أساليب متعددة في إيصال فكرتها بطريقة جعلت المبنى يتحوّل إلى رمز للمنطقة أكثر من كونه عمارة للإسكان! 

في بداية الفلم نجد الرمزية من قصيدة إنجليزية قديمة تدور حول فتاتين غنية وفقيرة، تكون الغنية في مملكتها متميزة بين أقرانها إلى أن تأتي الفتاة الأخرى بذكاءها الذي يفوق الأولى لتنافس الغنية وتتحداها في مبارزة للسيوف. ثم نشاهد حواراً داخلياً رمزياً يمثّل أحد أطرافه سكان العمارة والآخر يمثل المستثمرين. في نهاية المشهد تقرر الفقيرة الإستسلام ليس لأنها الأضعف ولكن لأنها تعبت من الجولات التي لاحصر لها، وتقوم الغنية في المقابل بانتهاز الفرصة والقضاء على الفتاة رغم أنها أصبحت مدركة لحجم خصمها وقدراته ونوعاً ما متخوفة من ردة فعله..
أعجبني جداً أخذها للموضوع بجدية، استغرق تصوير الفلم ثلاث سنوات وسيكون عرضه الأول قريباً، وما أثار اهتمامي أكثر من قدرتها على تحويل المشاعر المختلطة لساكني العمارة لمشروع حقيقي يحمل رسالة قد تغيّر وضع مشاريع قادمة، هو قدرتها بطريقة بسيطة ذكية في نفس الوقت على استعطاف الجمهور وربط المبنى بالسكان! حين تتحدث لغة الأرقام والرؤية والتخطيط يكون اتخاذ القرار منطقياً، لكن حين نقرأ المعطيات بلغة أخرى يخضع المنطق لميزان آخر أكثر عدلاً في الغالب. 

حين قام المستثمرون بالترويج للمبنى الجديد كحلّ سكني للمنطقة، استخدموا عبارات مثل "رؤية جديدة لحياة أفضل"، "كلّ ماتحلم به في منزل"! فبالإضافة إلى أنهم قرروا هدم العمارة وإعادة تسويقها دون إذن ساكنيها، أعطوا نفسهم الحق لمحو كل ماكان فيها وكأنّه أقل قيمة ودون معنى. وهنا نقطة مهنية لرواد الدعاية والتسويق باحترام تاريخ المنتج أو الخدمة وعدم الإساءة للماضي من أحداث أو أشخاص لأنّ مايمكن أن يعتبر عامل جذب للعملاء المستهدفين قد يحمل شيئاً من التهميش لمن قبلهم! 

هذه القضية ليست حصرية في بريطانيا، مشكلة المساكن موجودة في كلّ العالم، والأفلام التي تتحدث عن القضايا الواقعية لاحصر لها، لكنّ لغة الحديث في مواضييع مشابهة حساسة جداً. أن تستخدم فنّك في نقل رسالة تعبّرعن فئة مستضعفة دون أن تقلل من شأنهم ليس بالأمر السهل. وربما يعني في كثير من الأحيان أن تتحدث بلغة لاتشبه لغتك وهنا تكمن المخاطرة! هل تستغل ضعفهم لتحصد جوائز؟ هل تعبّر عنهم أم أنّك تستعرض مهاراتك الفنية؟ أعتقد أن أحد أسباب نجاح هذه المخرجة في لغتها القويّة كونها عاشت التجربة بنفسها لذا فهي جزء من القصة وليسن الراوي فقط، كون الممثلين ليسوا خريجيّ معاهد السينما والفنون وإنما أشخاص حقيقيين عاشو المعاناة. وربما يكون الحل ببساطة أن تجرّب عيش التجربة بنفس معطياتها دون خلفيتك وتوقعاتك المسبقة حتى تتمكن من إيصال رسالة حقيقية معبّرة وقوية غير مفبركة أو عنصرية. 

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

تقني أم مفكّر؟

كلّ صباح جمعة نشارك في محاضرة لمدة ثلاث ساعات تناقش التصميم الروائي من مختلف الزوايا، من الأمور التي أثارت اهتمامي أثناء أحد المحاضرات حديث جانبي دار عن دور المصمم في صياغة المستقبل. تخيّل معي شخصاً يعمل يومياً ولمدة أربع سنوات في تصميم المساكن الخاصة، وآخر يصمم المباني التجارية، وثالث متخصص في الأبراج الإدارية، هل يدرك هؤلاء أنّ المباني التي يطرحونها على أرض الواقع تساهم في رسم شكل المدينة؟ وأنّ الإستمرار على نمط معين في التصميم لسنوات متتالية قد يشكل جزءاً كبيراً من هويتها؟
ينطبق هذا على كلّ مجالات التصميم، في الحقيقة أصبحت الصور النمطية التي نشاهدها في هوية المحلات التجارية، الإعلانات، المعارض التي تقام وغيرها تشكل طابعاً للمنطقة وتعبّر عن ذوق أصحابها. في الغالب لا يعي المصممون هذه النقطة ويصمم كل منهم بحسب ذائقته ومهاراته، ولكننا وربما بقصد أو دونه، نتأثر ببعضنا ونقلد بطريقة أو بأخرى ماينجح في التأثير على الجمهور، من ألوان وأنواع خطوط وغيرها، والكثير من العملاء في المقابل يذهبون لمصممين حاملين في هواتفهم صوراً لمايريدون من المصمم تنفيذه بدون تعديلات لأنهم أحبوه، وقد يجد المصمم في هذا صفقةً رابحة ومكسباً مضموناً وقد يرفض إلاّ أن يجدد من الفكرة. وهنا يأتي السؤال: ماهو دور المصمم فعلاً؟ هل هو مجرد"أداة" تنفذ مايطلبه العميل وتكرر تصميم الرائج في وقته؟ هل نحنُ حقاً نملك التأثير على المجتمع من خلال الإنتاج البصري الذي نقوم به؟ هل نعبّر فيه عن أفكارنا أم أننا انعكاس مبني على طلب السوق؟

يدرس الطالب التصميم وهو مدرك لحجم العمل الذي ينتظره في سوق العمل، يعرف تماماً أنّ المجتمع لم يستوعب أهمية المصمم في حياته، ويعرف أنّ مهمته لن تكون سهلة لأنّه كما يبدو هناك الكثير ممن يعتقد التصميم مهمة يمكن لأي شخص صاحب ذوق فني أن يؤديها وأنّ المصمم صاحب الشهادة أهدر عمره في تخصص استغرق منه خمس سنوات! 
يعرف أنّ مابعد التخرج يحتاج للمثابرة ولكنّه ينسى كلّ ذلك مع انتهاء السنة الأولى لمباشرته العمل وشيئاً فشيئاً يصبح طالباً للشهرة باحثاً عن أسبابها التي هي في الغالب "ترويجية وموجودة بهدف البيع فقط". وأعني بهذا أنّها لاتحمل رسالة أو تتحدث بلسان الواقع وإنما هي في الغالب ترجمة مكررة لأفكار مستوردة من واقع آخر أو من مصمم آخر. 
  
لأوضح أكثر ماأعنيه، دعونا نتناول بعضاً من الأفكار السائدة في التصميم الجرافيكي على سبيل المثال، في انستقرام مثلاً كم عدد المصممين الذين يستخدمون "البوب آرت" بنفس الأسلوب والمراجع؟ أصبحت لاتفرق بين حساب وآخر وبين يد وأخرى في التصميم لأنّ الجميع يصمم بحسب الطلب، عدد أكثر من اللايكات، قبول أكثر من الجمهور، إذاً هو أسلوب ناجح!
 أعتقد أنّ هذه المعادلة غير صحيحة وهي سبب في نمطية الذوق السائد للأسف. مثال آخر، كم عدد المصممين الذين تناولو حال المرأة السعودية وعبّروا عن ذلك ببقعة سوداء وخط فارسي مرقوع؟ بصورة لإمرأة مبرقعة تطل من تحت مايشبه القفص؟ وأكاد أجزم أنّ صورة واضحة لماأعنيه طرأت ببالك الآن. 

هذه الطريقة في العمل جعلت دور المصمم للأسف لايتعدى كونه أداة كأي شخص آخر، بينما هو يملك من المهارات والأساليب ماتؤهله ليكون مفكّراً باحثاً من الدرجة الأولى. إنّ دراسة التصميم تدرب العقل على البحث، التحليل، النقد وإيجاد الحلول وهذه هي المهارات الأساسية المطلوبة لأصحاب القرار. فلم لا نوسع دائرة تطبيقها لتتعدى الشاشة التي نصمم عليها وتصل إلى مابعد ذلك من واقع نعيشه؟ 


لا أنكر أنّ كثيراً من المشاريع تتطلب نمطاً متكرراً من التصميم ولكن عندما لاتكون هناك فرصة واضحة لتضع بصمتك الخاصة في النتيجة ابتكر حلولاً غير مباشرة وجرّب طرقاً مختلفة. لا ترضَ بأن تكون أداة تنفذ فقط ولكن اجعل لوجهة نظرك نصيباً من العمل وقد يعني ذلك في كثير من الأحيان ألا تتفق مع العميل أو مديرك في القسم لكن فكّر في الصورة العامة لدور ماتقدمه الآن في صياغة المستقبل، عندما نكون في ٢٠٣٠ ونبحث عن الذوق العام لـ ٢٠١٥ وانعكاسه على التطورات في المنطقة، مالذي سنتحدث عنه؟ وكيف سنقرأ انعكاس ماعشناه من خلاله؟ 

الأحد، 18 أكتوبر 2015

المشروع الأول

غالباً ماتبدأ مشاريع السنة للدفعات الجديدة بمشروع تحدث عن نفسك بهدف كسر الحواجز ولطالما كان هذا المشروع تحدياً من الطراز الثقيل، أعتقد أنها مشكلة الكثير من المصممين، قد أجيد التحدث عن الشركة التي أعمل بها بلغة التصميم ولكن أن أعبر عن نفسي برسم أو قصة قد لايكون ضمن خياراتي المفضلة. لكنّ المشروع الأول لم يكن كذلك! 
بناءً على تخصصاتنا المختلفة تم تقسيمنا لمجموعات مكونة من شخصين من خلفيات غير متشابهة، مثلاً أنا من الجرافيك مع "آن" وهي معمارية ومصممة داخلية من مالطا. المطلوب هو معرفة قصة الطرف الآخر والتعبير عن الحبكة الدرامية في قصته بطريقة بصرية ملموسة بناء على خلفيتك ومهاراتك التصميمية، المعماري سيخرج بمبنى أو فورم، مصمم المنتجات يخرج منتج وهكذا... (سأتحدث كثيراً عن القصص والدراما بحكم تخصصي). عليك أن تبحث وأن تعرف كيف تأخذ أفضل ماعند الطرف الآخر بطريقة تمكّنك من تحويله لقطعة فنية رمزية على الأغلب. 

المهم، استغرقت عملية البحث لقائين متتالين، كل لقاء لمدة ساعتين، ومن حسن حظي كانت آن من النوع المنفتح جداً عند الحديث عن نفسه بطريقة أدهشتني حيث أنني أقابلها للمرة الأولى، ولكنها أخبرتني بقصة حياتها دون أن أضطر لطرح الكثير من الأسئلة حتى، طريقة البحث كانت بسيطة جداً، أسئلة مباشرة، نشاط مشترك "التسوق، أو شرب القهوة" ماهو فنانك المفضل؟ ملاحظة المظهر وأسلوب الكلام إلى آخره من تسجيل النقاط المباشر عن موضوع البحث. أصبحت المعلومات جاهزة ولكنها كثيرة جداً بطريقة يصعب اختصارها في حبكة واحدة، كان عليّ استقصاء الكثير من الأمور الثانوية ومحاولة اختصار كل حياة هذا الشخص في قطعة واحدة! المشكلة أنّ الجرافيك مجال واسع والمخرجات التي يمكن أن أنتجها لاحصر لها وهنا كان التحدي أكبر، كتاب، بوستر، شعار، خط، باكج، فيديو؟؟ ولكن الموضوع "انتهى على خير الحمدلله"




من اليسار إلى اليمين، يمكنك قراءة حياة آن مليئة بكل الأحداث والتقلبات، منذ طفولتها وحتى المرحلة الحالية، التفاصيل الصغيرة وأسلوب الألوان الخارج عن حدود الرسم يعبّر عن شخصيتها المحبة للسيطرة على الأشياء من حولها ولكنّها في كل مرة كانت تبالغ في اهتمامها بالتفاصيل إلى أن تخرج الأمور عن سيطرتها وتقع في مشكلة! رغم ذلك كانت لها لحظاتها التي استمتعت بها وتعلمت منها وهي المناطق اللامعة والبارزة في الرسم، معظم هذه الفترات حصلت في طفولتها أو في نهاية العشرين من عمرها ولذا هي مرتكزة على جهتين فقط من اللوحة.




الجزء الآخر المعبّر عنه بالخيوط الحمراء هو تصورها للمستقبل، لازالت حدوده واضحة تشبه المرحلة السابقة ولكنّه لم يعد دقيقاً ومفصلاً، لأن شخصيتها تغيرت بعد موقف مصيري مرّت به أعاد ترتيب الأمور في ذهنها، ووضعها في موقف فقدت فيه كامل السيطرة على كل شيء ما جعلها تعيد حساباتها وترخي من حدتها في اتخاذ القرارات. استعملت خطين للربط بين النقاط لأنّها أصبحت أكثر مرونة في وضع الاحتمالات لما قد يحصل لها بعكس الماضي حين كان توقع الأحداث مصيرياً وعدم الإلتزام بالخطة يعني نهاية العالم.

من شروط العمل الفني الذي تخرج به أن يتحدث عنك بنفس الدرجة التي يتحدث بها عن شريكك، في اختياري للخامات وطريقة العرض حاولت أن أجعلها تعبّر عن الطريقة التي أعمل بها، ولا أعتقد أنني بذلت جهداً مضاعفاً هنا حيث أن الأشياء تخرج بتلقائية بدرجة تشبه صاحبها. 
في وقت التقييم، تبدأ المجموعة "دون المعنيين بالعمل" بتخمين المقصود منه وكيف يعكس شخصية المستهدف به، حين تصل المجموعة لفهم العمل يكون معبّراً وحقق المقصود منه، ليس الغموض الشديد ولا البساطة الصريحة وإنّما شيء بينهما يتحداك لتصل لمبتغاه. بعد ذلك يتحدث الشخص المعني بالعمل عن رأيه فيه وهل قمنا بتخمين شخصيته منه أم أنه أوصلنا لنهاية غير صحيحة، ثم يتحدث صاحب العمل عن اختياراته ويفسّر كيف وصل لهذه النتيجة وكيف قام ببحثه. النقاشات كانت ثريّة جداً وكان اختيار الخامات أمراً جوهرياً فيها حيث فُسّرت كل منها بطريقة مختلفة بحسب السياق الذي استخدمت فيه. دراسة شخصية شخص تقابله للمرة الأولى والتعبير عنها برمزية الفن تجربة أعجبتني جداً وأعتقد أنّ مجالات تطبيقها واسعة جداً وتمكّنك من التمرين على فلسفة التصميم بطريقة أو بأخرى!
تم تسليم المشروع الأول وبعده مباشرة استلام المشروع الثاني، هناك كمّ هائل من البحث والتصميم للأيام القادمة وأرجو أن أخرج منه بأفضل النتائج.

يسعدني استقبال أسئلتكم واستفساراتكم على البريد الالكتروني 
Mariamgdesign.a@gmail.com 

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

رحلة الماجستير؛ الانطباع الأول

بالنسبة لوضع جديد أحاول التأقلم عليه لا أعرف من أين أبدأ. مؤخراً أصبحت الكتابة باللغة العربية تمثل تحدياً لي حيث أنني مضطرة للتحدث بالإنجليزية لأكثر من نصف اليوم تقريباً، ولأنني أتحدث لغة مختلفة أصبح تسلس أفكاري مختلفاً عن السابق، وتعابيرها أيضاً مختلفة! يقال أنك مهما تعلمت من اللغات فإن عقلك لايزال يترجم كل أفكارك من لغتك الأم إلى ماتريد قوله ولكنني قد لا أتفق مع هذه المقولة حرفياً رغم أنني أتمنى صحتها. التحدث بلغة يجعل عقلك يفكّر بها، يضحك على نكاتها، ويدخل في تفاصيلها بطريقة غريبة! هذه المقدمة لأنني لم أعرف من حيث أبدأ وحينما أردت أن أكتب في مدونتي لم يخطر ببالي سوى جملة انجليزية لأبدأ بها وهو أمر أزعجني جداً ودائماً ماانتقدته. 
سأحاول ألا يبدو كلامي مترجماً وربما أحتاج مساعدتكم في ذلك. مؤخراً انتقلت لبريطانيا لدراسة الماجستير في التصميم، تحديداً تصميم البيئات الروائية وهي الترجمة الحرفية التي اضطررت لكتابتها في طلب الابتعاث الذي تقدمت به للجامعة، بلغة أخرى، MA Narrative Environments تخصص ربّما سيختصر علي الكثير من التقلبات والتجارب الفنية التي خضتها تحت مظلة واحدة تمكنني من ممارستها جميعاً والاستمتاع بها بين التصميم والكتابة والفن والأدب. باختصار هو دمج بين المساحة والقصة التي ترويها بطريقة تفاعلية مع الجمهور، قد تكون في معرض، متحف، محل تجاري، خدمة عملاء أو حتى في حملات تستهدف فئات مفتوحة أو متخصصة من خلال البحث العميق في الفئة المعنيّة بالمشروع وتطوير المفاهيم المبنية على الأسلوب الروائي.  هذا التخصص يصنف ضمن التخصصات القليلة تحت فئة multidisciplinary course بمعنى أنه يستهدف الطلاب من تخصصات التصميم وريادة الأعمال المختلفة. من حسن حظي يوجد في هذه السنة ٣٨ طالب من ٢٤ جنسية مختلفة و ١٦ تخصص مختلف بين العمارة، تصميم المعارض، إدارة المشاريع، الفنون الجميلة، الجرافيك، الأنيميشن، التصوير، تصميم المنتجات وغيرها. وقد يخطر ببالك لماذا هذا التخصص؟! وسأتحدث عن هذا لاحقاً، وسيتضح حين أتحدث أكثر عن طبيعة المشاريع والأبحاث التي نتطرق لها. 

مرّ مايقارب الأسبوع  على انضمامي لهذا البرنامج، ولازالت لاأعرف إلى أين سيتجه، ولكنني متحمسة جداً لما قد أحصل عليه من هذه التجربة، ولأقدم لها أفضل ماعندي. أن تكون في مقاعد الدراسة من جديد هي تجربة لايمكن أن تكون مملة، على الأقل من وجهة نظري. أتوقع أن تكون تدويناتي القادمة حديثاً عن تجربتي في رحلة الماجستير، وأرجو أن تكون مثرية لي ولكم في المقابل، وسأسعد باستقبال استفساراتكم وتعليقاتكم كما هي العادة :) 

إذا كنت مهتماً بمتابعة يومياتي عن التخصص يمكنك متابعتي على تمبلر http://mariamawesomedesigns.tumblr.com/ 

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

الفصل الأول في الجامعة

في ٢٠٠٩ وتحديداً في رمضان كانت تعلن نتائج القبول لجامعة الدمام من خلال نظام التسجيل على الموقع. أذكر في تلك الفترة أعلنت نتائج الدفعة الأولى في ساعات الفجر ولم يكن لدي اتصال بالانترنت. كانت كلّ وسائل الاتصال في تلك الفترة محدودة، لم أملك هاتفي الخاص بعد وليس هناك من وسيلة لمعرفة النتيجة. كنت متوترة لأبعد درجة، مستقبلي يعتمد على هذا القبول ورغم أني أعرف بأنّ هناك دفعات أخرى ستظهر وأنّ نسبتي جيّدة وتؤهلني بجدارة إلا أنّ الخوف كان سيّد الموقف. رغبتي الأولى كانت الهندسة ولاأعلم لماذا في ذلك الوقت كنت متحمسة لهذا التخصص رغم خلفيتي المتواضعة جداً عنه. جائني اتصال من زميلة لي تبشرني بقبولها في الطب، طلبت منها التحقق من نتيجتي، وكانت لحظة القبول من أسعد لحظات حياتي! كنت سعيدة جداً لدرجة أنني أردت أن أوقظ كلّ من في المنزل والصراخ بأعلى صوتي. 

لكنّ هذه السعادة سرعان ماتلاشت مع بداية الفصل الأول. 

في المرحلة الثانوية كانت معادلة النجاح أو التميّز بالأصح بسيطة، عليك بمتابعة واجباتك، الانتباه في الحصة، التحضير المسبق، احترام المعلم وانتهى الموضوع! طالب ناجح متفوّق. تدخل الجامعة سعيد بالنجاح الذي حققته لغاية الآن، واثق بقدراتك ومستعد لتثبت نفسك من جديد. لكنّ المفاجأة أنّ كل شيء تعلمته لايشبه ماينتظرك بأيّ وجه من الأوجه. خصوصاً لو كنت طالب هندسة، عمارة أو تصميم. 
مع بداية الفصل الأول، المحاضرة الأولى، كلّ شيء أصبح مختلفاً، لست متميزاً كما كنت في فصل المدرسة وعليك بذل جهد مختلف حتى تبرز وتحصّل شيئاً من الدرجات. تبدأ وفي ذهنك الدرجة الكاملة ثم تفتر همتك بسبب الدكتور الذي لايقدر اجتهادك والمادة التي لا تفهم منها حتى اسمها والطلاب الغير متعاونين معك والدوام المتأخر حتى قُبيل المغرب وضغط الدراسة لتصبح باحثاً عن درجة النجاح التي تنقلك للفصل التالي فقط.

في كلّ هذا تنسى سعادتك الأولى بالقبول و تنسى أنّك كنت يوماً طالباً متفوقاً ويبدأ حقدك على الجامعة في التزايد حتى تصل للتخرج غير مصدق أنّك كنت قادراً على تحمّل كل تلك السنين الماضية والوصول لآخر سنة!
من منّا لم يمرّ بهذه المراحل؟ من منّا لم يستقظ يوماً وهو يسائل نفسه لماذا لم أدخل تخصصاً سهلا؟ “ليش جبت لنفسي الشقا؟” 

لكنّ الوصول ليس مستحيلاً! والإنسان من أعجب الكائنات قدرةً على التكيّف والتطور. لاتتوقع أنّك ستظل على نفس المستوى منذ دخولك الجامعة وحتى التخرج، ولا تعتقد أنّك تمتلك وأنت في سنتك الأولى مايؤهلك للتخصص. كلّ شيء يحتاج إلى صبر ووقت طويل حتى ينضج. أحياناً كثيرة في التخصصات العملية تصاب بالإحباط من أقرانك الذين هم أسرع منك في تقبل المعلومة واكتساب المهارة ولكنّ هذا لايعني بأنك سيء أو غير مناسب للتخصص! لكن لكل إنسان درجة من سرعة البديهة وعليك أن تبذل جهداً يتناسب مع مستواك حتى تصل للدرجة التي تودّ تحقيقها من الاحترافية.  
في السنوات الأولى في الجامعة يسهل جداً أن تفقد الأمل وتحتاج لفترة طويلة حتى تكتسب ثقة بنفسك في المجال الذي اخترته ولكن رسالتي إليك ألا تيأس ولا تجعل من حولك من الأساتذة أو الطلاب أو حتى أهلك في كثير من الأحيان يقف في طريقك. لازلت أذكر عودتي متأخرة جداً للمنزل وعملي لأيام متواصلة حتى في الإجازات وشكلي الذي أصبح متعباً جداً ووقتي الذي لا أملكه، كلّ هذا لم يكن سهلاً على عائلتي أن تتقبله ولطالما توالت النصائح لي بترك التخصص وتغييره وعدم إجهاد نفسي و و و، وفيه شيء من الصحة ولكنّ الهدف يدفعك لكلّ هذا ويصبح لتعبك قيمة وإن كان لايراها سواك! 

لو عاد بي الزمن لأكون طالبة من جديد، لاستغليت هذه السنوات أكثر في الاستزادة من كل من كان يمكنني التعلم منه ولقضيت وقتاً أطول في المكتبة. حقيقةً سنوات الجامعة من أكثر السنوات التي سيتطور فيها فهمك ليس فقط لمجال تخصصك بل ونظرتك للحياة، ستجد نفسك بعدها مختلفاً لذا لاتستعجل النتيجة واستمتع بكلّ لحظة وإن كانت في ظاهرها سيئة أو بدون جدوى. حتى العلاقات التي تبنيها في الجامعة ستكون مختلفة، المواقف التي ستمر بها ستجعل بينك وبين زملائك ذكريات عديدة وستجد في تخصصك دائرة لها اهتمامات مشتركة معك مما قد لاتجده خارجها. علاقتك بالجامعة لا تنتهي بمجرد خروجك منها وانتهاء الدوام إن أردت فعلاً التعلم، ولا يكن همك الأكبر هو تحصيل الدرجات وإن كانت فعلاً مهمة ولكن انظر للصورة كاملة، تعلّم أن "تتعلم" من كل شيء حولك، انظر للأشخاص كمصدر للعلم بغض النظر عن درجاتهم العلمية لأنك قد تستفيد من زميلك أكثر من أستاذك وقد تستلهم من عامل النظافة ما لايمكن أن تجده عند أمين المكتبة وقد تتعلم من محاضَرة عابرة ليس لها علاقة مباشرة بتخصصك مالايمكن أن تتعلمه من كتاب! فلا تستسخف التجربة واستمتع بخوضها عندها فقط يصبح لنهايتها طعم مختلف وإنجاز عظيم.

تمنيتُ فعلاً لو أجد شيئاً في بداية دراستي الجامعية يخبرني بأنّ الطريق طويل وأنني سأصل حتى لو متأخرة وأنّ الحيرة والتساؤلات المصيرية التي مررت بها كانت طبيعية بل وجزء أساسي من المشوار! أعتقد أنني فهمت ذلك جيّداً الآن وأتمنى أن تصلك هذه التدوينة وأنت في بداية الطريق وأن ترتب شيئاً مما في ذهنك من البعثرة. 

الجمعة، 19 يونيو 2015

النفع المتعدي

للحصول على التصاميم المعروضة في هذه التدوينة قم بزيارة الرابط وشاركنا رأيك وصور من إبداعك في التطبيق. يحتوي الرابط على ملفات جاهزة للطباعة بالإضافة إلى مجموعة من الكتب السهلة الشيقة في طرحها يمكن الإستزادة منها في رمضان.

كل عام وأنتم بخير يا أصدقاء :) 
إن من أكثر الأفكار التي تشدني عموماً هي فكرة النفع المتعدي، أنت لا تعيش لنفسك لأجل اشباع رغباتك والتميّز لوحدك فيما تعمل، وكلما زادت رتبتك أو إبداعك في مجالك كان التكليف عليك أكبر بإيصال ماتعرفه لغيرك، بالإضافة إلى أنّ دائرة التأثير التي يمكن أن تصل لها تكبر كلما ارتقى مستواك فيما تجيد فعله وبالتالي يمكنك هذا من الوصول لعدد أكبر بطرق أيسر.
هذه الفكرة هي عامة في جميع شؤون الحياة من علم أو عمل، وخاصة في أهم ركائزها وهي العبادة.
السؤال هو كيف تنقل العلم "البسيط" الذي لديك وتخلق نوعاً من الروحانية التي يسهل مشاركتها مع من حولك بحيث تمارس مبدأ النفع المتعدي دون تكلف أو اغترار؟ 
اغتنام الفرص والمواسم يساعد بشدة في تطبيق هذا المفهوم وليس أجلّ من رمضان كنقطة للإنطلاق. 

منذ العام الماضي بدأت فكرة المسابقات العائلية في رمضان بهدف تشجيع الفتيات والفتيان الشباب على التنافس في الخيرات والسعي للآخرة بعون الصحبة.. كانت المسابقة عبارة عن كتيب صغير (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) يحتوي على تفسير سورة لقمان بالإضافة إلى عشر أحاديث عن حسن الخلق. شروط المسابقة بسيطة جداً، حفظ سورة لقمان ويتم التسميع بحدود وجه كل أسبوع عن طريق الواتس اب. قراءة التفسير والمشاركة بفائدة واحدة عن كل وجه في مجموعة المسابقة وأخيراً حفظ الأحاديث العشرة..وفي نهاية رمضان يتم اعلان ثلاث مراكز وتقديم هدايا رمزية لهم بمشاركة العائلة.
هذه السنة، كان التحدي أكبر، المراحل العمرية اختلفت، والاهتمامات أيضاً والمشاغل، أضف إلى ذلك أن الجميع أصبح بهاتفه عدد ليس بقليل من التطبيقات عن القرآن، الأذكار، منبه الصلاة، التفسير، الصحيح من الحديث، أدعية رمضان وغيرها!
بعد البحث والتفكير جاءت الفكرة: "الحسنةُ بعشر أمثالها" من قوله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: من عمل حسنة فله عشرُ أمثالها وأزيد. ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر.ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لايشرك بي شيئاً جعلتُ له مثلها مغفرة. ومن اقترب إلي شبراً اقتربتُ  إليه ذراعاً، ومن اقترب إلي ذراعاً اقتربتُ إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) صحيح مسلم. ليست مسابقة ولكنها تذكير بمايمكن أن يُضاعف من الحسنات حتى البسيط منها في وقت مبارك كرمضان.
الزخرفة الاسلامية واختيار الألوان اعتمد على البساطة، ومفهوم البناء، لأن الحسنات تستحثّ أمثالها وكذلك الوحدات الزخرفية جميلة بذاتها معبّرة وقوية وهي مجتمعة.

تحتوي المجموعة على ثلاثة عناصر:
1. مطوية للجاليات- يمكن اختيار أي موضوع، هنا محتوى المطوية مخصص للجاليات الغير مسلمة كإجابة على تساؤلاتهم حول ماهية الصيام والغاية منه باللغة الانجليزية. 




2. فاصل المصحف- فيه أبيات شعرية عن شهر رمضان.


3. قائمة المهام- تحتوي على بعض الأعمال التي يمكن اغتنامها في رمضان مصحوبة بأيام الشهر الثلاثين، بحيث تضع علامة عند اتمام المهام لترى مجموع ماحصدته خلال اليوم، ويسهل عليك متابعة إنجازك من الأعمال بنهاية الشهر.  
ليست العبرة بميزان البشر لأن الله يضاعف لمن يشاء ولكنها نوع من التحفيز فالأيام معدودات.

فكرة التغليف بحسب المواد المتوفرة، هنا طبعت قائمة المهام على "اي ثري مقوى" والفاصل على "كانڤس" ثم أضيف إلى القائمة بعد لفها بشريطة مخملية ولك حرّية الاختيار. 



رمضان هو فرصة كي تكون المبادر للخيرات وتترك أثراً فيمن حولك، وهو أمر يحلم الجميع بتحقيقه، والعائلة هي أغلى ماتملك ودائرتك القريبة التي يظهر أثر فكرها وسلوكها عليك قبل غيرك. اغتنم موسم صلة الأرحام بتصرفات بسيطة لعلّ الله يبارك بصداها لتترك أثراً طيباً ومستمراً يتعدى الشخص الجيّد ليكوّن مجتمعات جيّدة! 


 إذا كان لديك فكرة لنشاط مع الأسرة أو الأصدقاء قمت بجربتها أو فكرة ترغب في تطبيقها في رمضان أرحب بها على البريد الإلكتروني وسأعيد نشر مايصلني هنا حتى تعم الفائدة. 

الأحد، 26 أبريل 2015

Tedx

٢٢ ابريل ٢٠١٤ 
مين منا مايستخدم تويتر؟ أنا شخص متابع جيّد للأحداث فيه ولاحظت انو لو حاب تصير مشهور أو توصل لأكبر عدد متابعة كل اللي عليك تسويه تحط جنب تغريدتك هاشتاق السعودية أو المرأة في السعودية أو تنتقد شي حاصل في البلد.
للأسف في الفترة الأخيرة كثير انشهر أشخاص على حساب بلدهم والمؤسف أكثر انهم لقو من يطبل لهم. كنت مرة أتضايق لمن أقرا هذا الكلام بس ماعرف كيف ممكن أتصرف معاه أو مع اللي يكتبه. وبعدين جلست أفكر، هل الموضوع يستدعي كلّ هذي السلبية في الحديث؟ هل حياتنا بهذا السوء اللي مايخلينا نشوف إلا الأسود من كل شي؟
مشكلتي مع الصور النمطية مش إنها غير صحيحة. فيه كثير ستريو تايبز لها أساس لكن المشكلة إنها فقط جزء من الحقيقة وهذا الجزء هو اللي جالس يطغى على الساحة إلى مانوصل لمرحلة يصير كل أحد يجي بيتكلم عن البلد بطريقة ثانية يحتاج يعدل نظارته. وبحكم تخصصي واهتمامي بالفن لاحظت هذي الظاهرة كثير عند الفنانين السعودين. لمن ربنا يفتح عليه ويروح يعمل معرض عن النساء في السعودية خارج السعودية كل الفكرة اللي بيوصلها بتكون عن الإضطهاد والظلم اللي بنعيشه في المنطقة وعن الحقوق اللي محنا قادرين نحققها وعن طبعاً قيادة المرأة للسيارة وغيرها وغيرها. لمن تعمل بحث عن المرأة السعودية في قوقل، هل بيطلع لك انجازاتها وطموحاتها والنجاح اللي حققته على مستوى المنطقة؟ في الصناعة في ريادة الأعمال في الطب في الأبحاث في الجوائز؟ لا كل اللي بيطلع لك حقوقها الضايعة في "السواقة" ولو جربت قوقل امج رح تشوف العجب. 
مرة أتنرفز من تركيزنا الكبير على الجوانب اللي ناقصة عندنا. مشكلة السلبية والنقد اللي ٢٤ ساعة انو يخلق جو غير منتج! جوّ صعب نبدع فيه لأن مهما سوينا مابيتعدل الوضع ومهما قلنا أو فعلنا رح نظل "سعوديين" 
أخذت هذي الفكرة وردة الفعل اللي تركته عندي وقلت خليني أحوله لشي مفيد. كنت أقرا في هذيك الفترة مقال بيحكي عن كيف تحوّل غضبك لابداع فني، وقلت الفكرة أوسع من ابداع فني الفكرة ممكن تتحول إلى بحث حقيقي مثبت بأرقام! 
وفعلاً بدأت!
بدأت ب تأثير لغة المجتمع على إنتاجية الشباب السعودي. واللغة هنا أقصد فيها مضمون الكلام مش أصله يعني ماأتكلم عن عربي ولا إنجليزي اللي أقصده هو سلبية الكلام وايجابيته وتأثيره.
كنت أعتقد إن الإعلام هو السبب في إن الشباب عندنا مشتت وإنو مش لاقي شي يمثله أو يدعمه أو من هذا القبيل لكن بعد البحث اطلعت على دراسة في الدوحة عن حرية الإعلام بينت إن الشباب العربي عموماً والخليجي خصوصاً ممكن يتعرض للإعلام ويتأثر فيه لكن الدافع الأكبر والمحرك لتصرفاته نابع من القبيلة والدين أو بمعنى آخر انو عاداتنا وتقاليدنا وديننا هو أكبر مؤثر لتصرفاتنا. طيب احنا عندنا أكبر دافع وسبب وجيه يخلينا نصير منتجين. احنا مسلمين! والموضوع مش بسيط إحنا مسؤولين عن عمارة الأرض وبناءها! طيب إذا كان عندنا دافع بهذي القوة أجل فين المشكلة؟ 
بدأت أحط أسئلة وأوزع استبيانات. كان من ضمن الأسئلة مثلاً هل تعتقد إنو انت لو نجحت رح تخدم بلدك وكانت كثير من الأجوبة تقول لا. سألت برضو هل لديك قدوة في الحياة؟ كم عدد الأشخاص الناجحين الذين تعرفهم شخصياً؟ ايش الصورة اللي تخطر ع بالك أول ماتسمع كلمة سعودي؟ هل تتأثر بالكلمات السلبية عن الشباب السعودي؟ هل تعتقد إن لأنك سعودي فهذا يبرر لك بعض التصرفات؟ 
وكانت الأجوبة عجب عجاب :)
بس الشاهد في الموضوع إن الأشخاص اللي كان لهم قدوة جيدة كان تصورهم أفضل عن نفسهم في المستقبل. والأشخاص اللي لقيو دعم سواء من مدرستهم أو من الأهل كانت أهدافهم بعيدة المدى ويشوفون انهم رح ينجحون في المستقبل. أما الأشخاص اللي اختاروا مغني أو رياضي كقدوة كانو يشوفون المستقبل بعد ٢٠ سنة غير جيّد أو إنهم خارج الصورة. الجميع في الاستبيان قال إنو يسمع كلمات غير جيدة عن الشباب لكن لمن سألتهم تتأثرون؟ كان في عوامل أخرى زي القدوة والهدف بعد ٢٠ سنة أقوى في تأثيرها عليهم. 
احنا لمن نتكلم، لمن نكتب، نغرد أو نعيد إرسال الرسائل اللي تتكلم بسلبية عن أوضاعنا مش جالسين نوعي الناس ونحلّ المشكلة إلا في حالات قليلة. الشي اللي حاصل إن السلبية هذي قاعدة تأثر على المراهقين أكثر من الشباب وتحديداً في المتوسط والثنوي. تخيّل معي شخص يسمع هالكلام من أبوه. يقراه من ٦ أشخاص على الأقل ف تويتر، يوصله بالواتس اب ويحكون عنه أصدقاؤه بالمدرسة ويجلس على هالحالة لسنوات. ثم فجأة لمن يدخل الجامعة ويتخرج يحطم آمال الجميع لأنو ماحقق النجاح اللي مفروض يوصل له أو إنه اكتفى بوظيفة وراتب آخر الشهر! 
أي موضوع في الحياة لمن ندخله وف بالنا صورة مسبقة عنه تأثر كبير على حكمنا ونظرتنا له. فمابالك لو كان هذا الموضوع هو مستقبلك؟ بالإضافة إلى أن قوة الأمة هي اللي تخرج قائد قوي مش بالحلطمة أو الانتقاد ولكن بالعلم والتشجيع. 

الصعوبات كثيرة ومانختلف على هالشي لكنّ الإنسان لمن يسعى ربنا يفتح عيله ولو كان من كل هذا ماتحقق إلا لذة انجازك لكفى! 

كمصممة واجهت صعوبات كثيرة في تطويع فكرة كبيرة زي كذا لمشروع تخرّج، بس بتوفيق الله قدرت وكان "أكسجين"! مشروع تخرجي الي لازلت فخورة جداً فيه.

لو حاب تعرف أكثر عن تفاصيل المشروع والنقاط الي تطرقت لها بالبحث، زودّني باسمك ولماذا قد يهمّك الموضوع و سأسعد بالتواصل معك على البريد الإلكتروني 

الجمعة، 27 مارس 2015

١١:١٩

 
تعتريني رغبة جامحة للكتابة! مؤخراً هناك الكثير من الأفكار تطحنُ رأسي، تُحدث في أروقته ضجيجاً دون سابق إنذار، تصيبني بالأرق وتسلبني النوم، لا أجدُ وقتاً لأفصح عنها، أركمها في درج آخر وتستمرّ الحياة، إلى أن وقعت يديّ على روايتين لم أقرأهما متتابعتين بالصدفة. واثقة أنها لم تكن بالصدفة. 
لا يهمّ ماذا قرأت، لن يعنيك كثيراً، لكنه قلب موازين عقلي وزادني حيرة إلى حيرتي، في المقابل، حرّك فيّ الحاجة للكتابة، للتعبير ولهذا أنا ممتنة. 
ربّما لم تكن الكتب فقط هي السبب، لعلّ كل ما مررتُ به في الآونة الأخيرة كان دليلاً قاد لهذه النهاية؛
كيف نقرؤ الحزن؟ كيف نتعاملُ معه؟ 
تمرّ علينا مئات الأخبار يومياً عبر مختلف وسائل التواصل، القنوات الإخبارية، الواتس أب، تويتر وحتى تلك الموثّقة بالصور، كم حرّكت فينا؟ نُخبئ تأثرنا خلف أرقام تخفف من وطأة الصدمة، "قُتل عشرة مدنيين وجرح آخرون خلال اشتباكات مع قوّات الأمن"، كم يبدو هذا الخبر عادياً مكرراً في صياغته، لا يعنينا بالتحديد، تفصل بيننا وبينه آلاف الكيلومترات التي تحمينا منه، نرفع نظرنا عن شاشة الجوال، ننظر حولنا، نلتفت، الحمدلله لاشيء هنا! ثم نعود لقراءة الخبر التالي، نمرّ عليه بكل جمود، أو بلسان حالٍ يستعيذ مما نقرأ،  ننسى عمداً كلما كبرنا عليه من أهازيج ونداءات تهتف بالوحدة، ننسى صباحاتٍ لم نفعل فيها شيئاً سوى الاصطفاف مع أقراننا نردد: "وكلُّ العرب إخواني". أتذكر عندما كنت في التاسعة في الصف الرابع، أعتقد أنها كانت المرة الأولى التي أسمع فيها: "الشعب العربي فين" لا أدري إن أدركتَ مثلي أن ماكان يردد قبل خمس عشرة سنة ينطبق تماماً على حالنا اليوم. لا نزال بارعين في الكلام على الأقل، أو مايُعرف ب "بلاغة العرب". 
الإعلام يرينا جزءاً من الصورة، يصوغها لنا في كلمات مصفوفة أبعد ما تكون عن الواقع، لكن دعنا نجرّب قراءةً أخرى للأحداث، وللتنويه فقط لستُ هنا لأحكم سياسياً على الوضع ولكنني هُنا أخاطب قلبك، وأعبّر بشيء يكادُ ينفجر رأسي من شدة صداه. 

"خرج شابٌ بعدما ودعته أمه محفوفاً بدعواتها التي انتشت بمعرفتها بانتهاء الخصام الذي دام لعدة أيام مع والده حول موضوع التحاقه بالجامعة، وعدته أن تعدّ له طبقه المفضّل على الغداء احتفالاً بالصلح، خرج باسماً لوعودها مطمئناً بحصن دعواتها، لكنّ رصاصة اخترقت هذا الحصن، اخترقت عينيه وقتلت فرحتها" 
تخيّل لو أنّك تعرف أسماء كلّ شخص من العشرة المقتولين في الخبر السابق، تخيّلهم أبناء حارتك، جيرانك، أصدقاء دراستك، زملاء في العمل، أسقِط أسماءهم على ذكرياتٍ حدثت في طفولتك، هل يغيّر هذا من قراءتك للخبر؟ 
"قتل عشرة مدنيين وجرح آخرون خلال اشتباكات مع قوّات الأمن"
ماالفرق بينهم وبين من تعرف؟! ألم نحفظ عن ظهر قلب "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى". 
نحنُ نعرف ماتنقله لنا وسائل الإعلام عن سوريا، العراق، فلسطين، بورما، اليمن، مصر ...
نرى ما يريدنا أن نراه ويخفي ماكان أعظم، يروي لنا النسخة المختصرة من القصة، يختزلها في رقم، اسم، مجموعة، صورة مكررة، لكنّ هذه الصورة هي كائن حيّ مستقل له عائلة، تاريخ وحياة وليس مجرد عنصر جذب في نشرة الأخبار تتسابق عليه صفحات الجرائد الأولى. 

فكّر في عدد سكان الكرة الأرضية، فكّر كم منهم عانى من الجوع، الهجرة، الفقر، الجهل، الحرب، الفقد، فكّر في الكم الهائل من الخبايا التي تجهلها عن تفاصيل معاناتهم. فكّر جيداً قبل أن تتخذ موقفاً. قلص هذه الدائرة أكثر، تذكّر قصة إنسانية واحدة فقط عشتها شخصياً مع قريب لك، تذكّر مشاعرك في تلك اللحظة، تذكّر ردة فعلك، فكّر فيمن يمكن أن يعيش هذا الظرف يومياً لكن في كل مرة مع شخص مختلف! 
حسناً عُد للواقع الآن، هل تذكر ماقرأته للتو في تويتر: "صنع أكبر قطعة بيتزا في العالم ودخولها لموسوعة جينيس" هل يبدو لك مألوفاً؟ فكّر في آخر سطر كتبته قبل دقائق وشاركت العالم به، هل كان فعلاً يستحق؟! 
إن لم تكن قادراً على اتخاذ موقف حقيقي، ربّما يكون وقعُ الصمت على الأقل أخف من غيره وأكثرَ حكمة. 

الخميس، 29 يناير 2015

أنا ومن بعدي الطوفان!

من المواضيع التي نالت اهتمام المجتمع العربي في الآونة الآخيرة كتب تطوير الذات والإدارة للوقت والحياة، وهي ظاهرة صحيّة للمجتمع أن يهتم برقي فكره وتنظيم حياته، وفي النسخ الأولى من الاهتمام بهذا الجانب في العالم العربي وُجدت الكثير من الكتب المترجمة حول الموضوع ويمكن أن نصنّفها لجيلين، الأول يركز على العوامل الخارجية التي تؤثر على قرارات الإنسان وهو الجيل الأقدم بالتوقيت، والثاني وهو الذي يركز على الإنسان نفسه والغوص في اكتشاف ميوله، مواهبه، قدراته العجيبة والسر الذي يحرك داخله ويجذب الكون له. 
عندما وصلت هذه المواضييع لمجتمعاتنا لم تصل منقّحة أو معدلة بل وصلت مترجمة حرفياً، وحتى بعد اطلاع المثقفين العرب عليها وانغماسهم بالبحث فيها ووصولهم لمرحلة التأليف، للأسف نجد الأغلبية تُكرر نفس الكلام دون أن تقيسه بمعايير الثقافة المحلية من أمثلة وإطارات ومحاذير.

هذه الملاحظة لم تأتِ من فراغ، كان أول ما لفت انتباهي لها أثناء بحث التخرج العام الماضي عندما كنت أبحث في كتب تطوير الذات التي تخاطب المراهقين في السعودية، وللأسف كانت تخاطبهم كأي مراهقين في أي كوكب آخر وهو أمر غير مقبول! من ضمن الانتقادات عليها على سبيل المثال ماتورده من أمثلة حين تتحدث عن حل المشاكل، فنجد فيها قصة عن فتى تركته صديقته ويمر بحالة نفسية صعبة أو عن طالب يواجه صعوبة مع والده الذي يتعاطى المخدرات، أو أنها تتحدث عن طريقة تعامل الطالب مع مدرسه ولكنها بنموذج الفصل الأمريكي وليس العربي، وهذا ليس نقصا في أمثلتنا المحلية أو وفرتها ولكنّه قصور في المترجم والمؤلف المنبهر بكل الثقافات الأخرى باستثناء ثقافته.
مايعنيني من هذا الموضوع وإن كنت أهتم بشدة لما يُخاطب به أبناء المجتمع خصوصاً الفئات الصغيرة، لكن ما يعنيني في هذا المقام هو التنويه على هذا التركيز العجيب على كلمة "الذات" وليس من حرج لغوي في استخدامها، ولكنها الطريقة التي تُصوِّر هذه الذات وكأنها قادرة على صنع كل شيء وتغيير كل شيء والتصرف وفق هواها ورغباتها دون أن تُهذّب. والحقيقية غير ذلك تماماً. الذات الإنسانية لو تركت لتصنع ما تريد لعاثت في الأرض الفساد لأن لكل إنسان ميوله المختلفة عن غيره ويستحيل أن يتفق اثنان بصورة متطابقة وهناك فطرة بشرية وميول نحو التنافس وغيرها من العادات التي يؤدي التمادي فيها للضرر. علينا أن نفهم أنه ليس من الضعف أن يفهم المرء الإطارات التي يجب عليه أن يحترمها كالمجتمع مثلاً وأن النجاح لا يعني الثورة على الجميع بل في كثير من الأحيان تكون هذه الأُطر هي المحرك للتصرفات الإيجابية والمثمرة وأعني الدين في هذا المقام. 

أنا أريد، أنا أستطيع، أنا أقدر، أنا وأنا وأنا حتى أصبحت الثقافة متمركزة في هذه الذات ووصلت للأنانية، يفكّر الإنسان بأهدافه ويضعها وفقاً لمصالحه الشخصية ويضرب برأي من حوله عرض الحائط بحجة أنها حياته وليس لأحد أي رأي في ذلك. 
الموازنة مطلوبة في كل الأمور وإيمانك بذاتك وقدرتك أمر مطلوب، لكن عليك أن تتيقن أن ذاتك ومهما بلغت فهي لاتزال خاضعة لإرادة الله وتسييره، لا يمكنك أن تنجح إذا لم تؤمن أولاً بقدرة الله عليك وبحاجتك لتوفيقه وبقِصر حولك وقوتك إلى حوله وقوته وكنت أتوقع من الباحثين إدراج هذه النقطة في بداية مؤلفاتهم كقاعدة أساسية للنجاح وتطوير الذات بدل من التركيز على جنون العظمة الذي نقرؤه وأصبحنا نستمع إليه مؤخراً، وقد يعتقد البعض أن هذا من الأمور البديهية لكن الأصل وإن كان تلقائياً إدراكه فهو أولى أن يؤرخ من غيره. أضف إلى ذلك أن نجاحك يشمل نجاح عائلتك والبيئة المحيطة بك، لا يمكنك أن تخطط لنفسك فقط لأن الحضارة التي نسعى لها والتي تزعم تلك المؤلفات أنها تملك السرّ للوصول إليها لا تقوم على الأفراد بل على الجماعة والفريق. 

في كثير من القصص التي تحكيها هذه المواضييع نجد المسافرين إلى الهند أو الصين الباحثين عن الحقيقة وعن الاتصال بالطبيعة والبعد عن النموذج الاستهلاكي المادي من الحياة والتعمق في أصل الروح والحياة، وفي كل هذه الرحلة هم لا يبحثون سوى عن الإيمان الذي يعطي للروح اتزانها ويحقق لها فيما بعد النجاح بكل أبعاده. كونك مسلم تقرأ في مثل هذه المواضييع يجعلك واعياً أكثر لما بين يديك من نعمة لم تسعَ لها، ويعطيك تصوّراً عن طبيعة الحياة المادية التي ستنتهي إليها لو لم تكترث بدينك وبمجتمعك. 

نحنُ عندما نطبق قيمة الإحسان على سبيل المثال، نُحسن لأنّنا نقرأ قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله" وليس بدافع الشفقة أو الإنسانية فقط لأنّ هناك دافع أقوى يحثّنا نحو الفعل الكريم ينبعث من إسلامنا، وكذلك يجب أن يكون المحرك لكل تصرفاتنا، وسواء كانت هذه النقطة حاضرة في ذهنك وقت الفعل أو لا فإنك نشأت في بيئة تحثُ عليها راجية الثواب قبل غيره وستؤجر عند احتسابها! 

حماسك نحو التطوير وتحسين شخصيتك وصفاتك أمر في غاية الروعة، إنّه مؤشر جيّد على طموحك للأفضل لكن كُن واعياً لما تقرأ مُدركاً للأصل قبل أن تتوسع في الفروع حتى لا ينتهي بك المطاف وقد ضيعت الإثنين وأصبحت نسخة تشبه غيرها لا جذور لها تحميها من متغيرات الزمن. 

Feature Post