الأحد، 18 أكتوبر 2015

المشروع الأول

غالباً ماتبدأ مشاريع السنة للدفعات الجديدة بمشروع تحدث عن نفسك بهدف كسر الحواجز ولطالما كان هذا المشروع تحدياً من الطراز الثقيل، أعتقد أنها مشكلة الكثير من المصممين، قد أجيد التحدث عن الشركة التي أعمل بها بلغة التصميم ولكن أن أعبر عن نفسي برسم أو قصة قد لايكون ضمن خياراتي المفضلة. لكنّ المشروع الأول لم يكن كذلك! 
بناءً على تخصصاتنا المختلفة تم تقسيمنا لمجموعات مكونة من شخصين من خلفيات غير متشابهة، مثلاً أنا من الجرافيك مع "آن" وهي معمارية ومصممة داخلية من مالطا. المطلوب هو معرفة قصة الطرف الآخر والتعبير عن الحبكة الدرامية في قصته بطريقة بصرية ملموسة بناء على خلفيتك ومهاراتك التصميمية، المعماري سيخرج بمبنى أو فورم، مصمم المنتجات يخرج منتج وهكذا... (سأتحدث كثيراً عن القصص والدراما بحكم تخصصي). عليك أن تبحث وأن تعرف كيف تأخذ أفضل ماعند الطرف الآخر بطريقة تمكّنك من تحويله لقطعة فنية رمزية على الأغلب. 

المهم، استغرقت عملية البحث لقائين متتالين، كل لقاء لمدة ساعتين، ومن حسن حظي كانت آن من النوع المنفتح جداً عند الحديث عن نفسه بطريقة أدهشتني حيث أنني أقابلها للمرة الأولى، ولكنها أخبرتني بقصة حياتها دون أن أضطر لطرح الكثير من الأسئلة حتى، طريقة البحث كانت بسيطة جداً، أسئلة مباشرة، نشاط مشترك "التسوق، أو شرب القهوة" ماهو فنانك المفضل؟ ملاحظة المظهر وأسلوب الكلام إلى آخره من تسجيل النقاط المباشر عن موضوع البحث. أصبحت المعلومات جاهزة ولكنها كثيرة جداً بطريقة يصعب اختصارها في حبكة واحدة، كان عليّ استقصاء الكثير من الأمور الثانوية ومحاولة اختصار كل حياة هذا الشخص في قطعة واحدة! المشكلة أنّ الجرافيك مجال واسع والمخرجات التي يمكن أن أنتجها لاحصر لها وهنا كان التحدي أكبر، كتاب، بوستر، شعار، خط، باكج، فيديو؟؟ ولكن الموضوع "انتهى على خير الحمدلله"




من اليسار إلى اليمين، يمكنك قراءة حياة آن مليئة بكل الأحداث والتقلبات، منذ طفولتها وحتى المرحلة الحالية، التفاصيل الصغيرة وأسلوب الألوان الخارج عن حدود الرسم يعبّر عن شخصيتها المحبة للسيطرة على الأشياء من حولها ولكنّها في كل مرة كانت تبالغ في اهتمامها بالتفاصيل إلى أن تخرج الأمور عن سيطرتها وتقع في مشكلة! رغم ذلك كانت لها لحظاتها التي استمتعت بها وتعلمت منها وهي المناطق اللامعة والبارزة في الرسم، معظم هذه الفترات حصلت في طفولتها أو في نهاية العشرين من عمرها ولذا هي مرتكزة على جهتين فقط من اللوحة.




الجزء الآخر المعبّر عنه بالخيوط الحمراء هو تصورها للمستقبل، لازالت حدوده واضحة تشبه المرحلة السابقة ولكنّه لم يعد دقيقاً ومفصلاً، لأن شخصيتها تغيرت بعد موقف مصيري مرّت به أعاد ترتيب الأمور في ذهنها، ووضعها في موقف فقدت فيه كامل السيطرة على كل شيء ما جعلها تعيد حساباتها وترخي من حدتها في اتخاذ القرارات. استعملت خطين للربط بين النقاط لأنّها أصبحت أكثر مرونة في وضع الاحتمالات لما قد يحصل لها بعكس الماضي حين كان توقع الأحداث مصيرياً وعدم الإلتزام بالخطة يعني نهاية العالم.

من شروط العمل الفني الذي تخرج به أن يتحدث عنك بنفس الدرجة التي يتحدث بها عن شريكك، في اختياري للخامات وطريقة العرض حاولت أن أجعلها تعبّر عن الطريقة التي أعمل بها، ولا أعتقد أنني بذلت جهداً مضاعفاً هنا حيث أن الأشياء تخرج بتلقائية بدرجة تشبه صاحبها. 
في وقت التقييم، تبدأ المجموعة "دون المعنيين بالعمل" بتخمين المقصود منه وكيف يعكس شخصية المستهدف به، حين تصل المجموعة لفهم العمل يكون معبّراً وحقق المقصود منه، ليس الغموض الشديد ولا البساطة الصريحة وإنّما شيء بينهما يتحداك لتصل لمبتغاه. بعد ذلك يتحدث الشخص المعني بالعمل عن رأيه فيه وهل قمنا بتخمين شخصيته منه أم أنه أوصلنا لنهاية غير صحيحة، ثم يتحدث صاحب العمل عن اختياراته ويفسّر كيف وصل لهذه النتيجة وكيف قام ببحثه. النقاشات كانت ثريّة جداً وكان اختيار الخامات أمراً جوهرياً فيها حيث فُسّرت كل منها بطريقة مختلفة بحسب السياق الذي استخدمت فيه. دراسة شخصية شخص تقابله للمرة الأولى والتعبير عنها برمزية الفن تجربة أعجبتني جداً وأعتقد أنّ مجالات تطبيقها واسعة جداً وتمكّنك من التمرين على فلسفة التصميم بطريقة أو بأخرى!
تم تسليم المشروع الأول وبعده مباشرة استلام المشروع الثاني، هناك كمّ هائل من البحث والتصميم للأيام القادمة وأرجو أن أخرج منه بأفضل النتائج.

يسعدني استقبال أسئلتكم واستفساراتكم على البريد الالكتروني 
Mariamgdesign.a@gmail.com 

الجمعة، 16 أكتوبر 2015

رحلة الماجستير؛ الانطباع الأول

بالنسبة لوضع جديد أحاول التأقلم عليه لا أعرف من أين أبدأ. مؤخراً أصبحت الكتابة باللغة العربية تمثل تحدياً لي حيث أنني مضطرة للتحدث بالإنجليزية لأكثر من نصف اليوم تقريباً، ولأنني أتحدث لغة مختلفة أصبح تسلس أفكاري مختلفاً عن السابق، وتعابيرها أيضاً مختلفة! يقال أنك مهما تعلمت من اللغات فإن عقلك لايزال يترجم كل أفكارك من لغتك الأم إلى ماتريد قوله ولكنني قد لا أتفق مع هذه المقولة حرفياً رغم أنني أتمنى صحتها. التحدث بلغة يجعل عقلك يفكّر بها، يضحك على نكاتها، ويدخل في تفاصيلها بطريقة غريبة! هذه المقدمة لأنني لم أعرف من حيث أبدأ وحينما أردت أن أكتب في مدونتي لم يخطر ببالي سوى جملة انجليزية لأبدأ بها وهو أمر أزعجني جداً ودائماً ماانتقدته. 
سأحاول ألا يبدو كلامي مترجماً وربما أحتاج مساعدتكم في ذلك. مؤخراً انتقلت لبريطانيا لدراسة الماجستير في التصميم، تحديداً تصميم البيئات الروائية وهي الترجمة الحرفية التي اضطررت لكتابتها في طلب الابتعاث الذي تقدمت به للجامعة، بلغة أخرى، MA Narrative Environments تخصص ربّما سيختصر علي الكثير من التقلبات والتجارب الفنية التي خضتها تحت مظلة واحدة تمكنني من ممارستها جميعاً والاستمتاع بها بين التصميم والكتابة والفن والأدب. باختصار هو دمج بين المساحة والقصة التي ترويها بطريقة تفاعلية مع الجمهور، قد تكون في معرض، متحف، محل تجاري، خدمة عملاء أو حتى في حملات تستهدف فئات مفتوحة أو متخصصة من خلال البحث العميق في الفئة المعنيّة بالمشروع وتطوير المفاهيم المبنية على الأسلوب الروائي.  هذا التخصص يصنف ضمن التخصصات القليلة تحت فئة multidisciplinary course بمعنى أنه يستهدف الطلاب من تخصصات التصميم وريادة الأعمال المختلفة. من حسن حظي يوجد في هذه السنة ٣٨ طالب من ٢٤ جنسية مختلفة و ١٦ تخصص مختلف بين العمارة، تصميم المعارض، إدارة المشاريع، الفنون الجميلة، الجرافيك، الأنيميشن، التصوير، تصميم المنتجات وغيرها. وقد يخطر ببالك لماذا هذا التخصص؟! وسأتحدث عن هذا لاحقاً، وسيتضح حين أتحدث أكثر عن طبيعة المشاريع والأبحاث التي نتطرق لها. 

مرّ مايقارب الأسبوع  على انضمامي لهذا البرنامج، ولازالت لاأعرف إلى أين سيتجه، ولكنني متحمسة جداً لما قد أحصل عليه من هذه التجربة، ولأقدم لها أفضل ماعندي. أن تكون في مقاعد الدراسة من جديد هي تجربة لايمكن أن تكون مملة، على الأقل من وجهة نظري. أتوقع أن تكون تدويناتي القادمة حديثاً عن تجربتي في رحلة الماجستير، وأرجو أن تكون مثرية لي ولكم في المقابل، وسأسعد باستقبال استفساراتكم وتعليقاتكم كما هي العادة :) 

إذا كنت مهتماً بمتابعة يومياتي عن التخصص يمكنك متابعتي على تمبلر http://mariamawesomedesigns.tumblr.com/ 

Feature Post