الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

قطاف

٢٠١٧ لم تكن كأي سنة ليس لأنها حملت معها البدايات ولكنها كانت حصاد لما ابتدأ منذ فترة.
عندما بدأت أكتب هذه التدوينة لم أعرف هل أتحدث عما أرجوه للمستقبل أم  ما تعلمته من الماضي؟ هل تكون عن الأمل والأحلام أم تركز على التأمل واستدراك الأخطاء؟
من الصعب عليّ أن أحدد مسار القصة عندما أتحدث عن هذه السنة، أكتب هذه التدوينة وأنا على متن الطائرة متجهة للسعودية للمرة الأولى بتذكرة باتجاه واحد ولعلّ هذا أبرز حدث والأكثر تغييراً لهذه السنة ورغم أنه يأتي في نهايتها إلا أنه الجزء المثالي كي أختم به.
اليوم وعلى بعد أسبوع من بداية السنة الجديدة أنهي رحلة ابتعاثي وزوجي وليد للندن فخورة بإنجازنا وأعود للوطن، لعائلتي التي كان غيابي مصدر قلق لكلينا، أعود لجامعتي وطالباتي الذين افتقدتهم وأعود بشخصية لا تشبه مريم التي رحلت قبل مايوشك على مقاربة الثلاث سنوات. 


علاقتي بلندن 

قرار الإبتعاث كما أسلفت في تدوينات سابقة كان من أهم قرارات حياتي، وربما أتحدث هنا عن لندن، بإيجاز، التي احتضنتني وتعلمت فيها الكثير مما لا أستطيع حصره. المدينة التي لا أعرف كيف استطعت الإتفاق معها رغم أنني ابنة الماء التي تبحث عن الشمس وتجد بهجتها في الأمواج والإنعاكاسات، لكن بقدرة قادر ودعاء أمي أشعر وأنا أودع لندن بأن بيننا علاقة مميزة تعرفت فيها على الفن بتاريخه العريق وإتجاهه الحضاري ووجدت فيها فكراً يشبه ماأحب، ناقد، حذر، واعي ومطلع على كل شيء. لم أبذل جهداً كبيراً كي أندمج وهو شيء عكس ماتوقعته نظراً لطبيعة آرائي القوية، خلفيتي الدينية المحافظة واختياري للإلتزام بالعباءة في عقر دار الفن، ومن درس في جامعات الآرت والفاشن يعرف تماماً ماأقصد، وليس من العدل أن أقول أن الكل تفهم اختياري أو جنبني الإنتقاد لكن على الأقل لم أتعرض للمضايقة يوماً بسبب مظهري ولم أرفض في مقابلة عمل أو في ترشح لمسابقة أو غيره بسبب اسمي أو وطني ولعلّ المضحك أن بعضهم رأى في طريقة حجابي فنّاً وطلب مني أن أكون جزء من مشروع تصوير وغيره.

ربما تكون هناك تجارب مختلفة لبعض من يقرأ ولست هنا لأمجد الإنجليز فنحن لا نختلف على مايحدثنا به التاريخ والذي لايزال مترسخاً في أذهان الجيل الأقدم في المدينة خصوصاً عندما تضطر للتعامل معهم. لكنني أستطيع أن أتحدث بشكل شخصي عمّا عشته من خلال الجامعة وطبيعة الحياة اليومية التي في معظمها تكون مع جنسيات مختلفة قصدت لندن لنفس الغاية: طلب العلم أو البحث عن الرزق. 
أستطيع أن أقول أن علاقتي بالمدينة تطورت هذه السنة تحديداً بشكل غريب. قبل أن أسافر كانت إحدى الصديقات تحدثني إن شعرت بالحزن يوماً أن أطعم البط في الهايد بارك وأتمشى حول البحيرة وكنت أضحك باستغراب على تعليقاتها، لكنني عندما كنت أحن للوطن أو أصادف يوماً غير موفق في الجامعة كنت أجد نفسي أتجه للطبيعة التي تتمثل في لندن بالحدائق والبط والبحيرة. 

لم أكن أنا والمدينة على وفاق دائماً فأيامها الغائمة المتتالية وبرودتها القاسية كانت دوماً مصدر إزعاج بالنسبة إليّ خصوصاً حين يصادف ذلك يوماً صعباً في تفاصيله، لكنني وفي الأشهر القليلة الماضية حين لم أكن مرتبطة بالدراسة سمحت لنفسي بإعادة استكشاف المدينة وتكوين لحظاتي الخاصة معها وتوسيع قائمة مفضلاتي من خلال زيارة الأماكن والمحال التي كنت أتجنبها بسبب ضغط الدراسة. كنت أستمتع بقضاء الوقت مع زميلاتي الذين يعرفون المدينة أكثر مني، يرشدوني لوجهات جديدة ولاأضطر معهم لاستخدام التكنولوجيا للوصول للوجهة وهو من أجمل وسائل التعرف على المدينة من جديد. فترة الصيف تحديداً وعند زيارة عائلتي لي كانت من أمتع الأيام التي قضيتها فيها لأنني تعرفت من جديد على المنطقة من وجهة نظر العائلة وتحديداً إخوتي الصغار الذين كانت لهم لمستهم الخاصة في التجربة.
كانت لندن في الأيام الأخيرة في أبهى حلتها مستعدة لنهاية السنة واستمتعت كثيراً بقراءتها فنياً مع وليد والتجول في أبرز معالمها بنظرة المحلل لا الزائر. 

بالمناسبة، نزول الثلج في الشهر الماضي لأول مرة منذ سنوات على المدينة ولو أنه كان ليومين فقط إلا أنه جعل النهاية أكثر شاعرية. وداع أبيض كما وصفته إحدى زميلاتي. 


الدراسة والعمل

حملت لي هذه السنة العديد من القراءات الممتعة والكتاب المتخصصين في التصميم، السياسة، التحليل النقدي وغيرها الذين أحببت التعرف عليهم بجانب الدراسة. عملي على المشروع بحد ذاته وكوني في حالة بحث دائم عمّا يدعم أو يهدم فكرة الرسالة أوصلني للعديد من المواضيع المتشعبة ووجدت من خلاله فرصة للتواصل مع أشخاص لم أفكر بالتواصل معهم قبل ذلك رغم إعجابي الشديد بمايفعلونه.
تحدثت عن الماجستير سابقاً لذا لن أطيل هنا عن نفس الموضوع، وربما لم تكن هذه السنة متفردة بمشروعي فقط ولكن بمشروع وليد أيضاً، وقد يتحدث هو في وقت لاحق بشكل شخصي عنها لكنها فعلياً من أبرز إنجازات هذه السنة لكلينا، ورغم أننا اختلفنا في كثير من تفاصيلها وتحديد مسارها وخضنا ساعات وأيام طويلة من النقاش إلا أنني فخورة جداً بإنجازه في هذه المرحلة وواثقة بأهمية هذه الخطوة في مستقبله المهني.
أبرز ماأذكره استكشافنا لإمكانات الطباعة، الورق والتصنيع وزيارتتنا للعديد من الموردين والمحال المتخصصة في الموضوع. لازلت أذكر انبهاري بما رأيت وحتى الآن أعتقد أنه الأفضل مستوى بالمقارنة. 
 

لعلّ من أبرز الأحداث أيضاً هو عملي مع فريق KCA وهي شركة مهتمة بدراسة زوار المتاحف والمعارض التفاعلية وتصميم حيزاتها ومختصة أيضاً بتدريب طاقم العمل الذي يتعامل بشكل مباشر مع الجمهور لتحقيق الإستفادة الكبرى من التصميم، تقدمت للعمل لديهم بحكم عملهم المتواصل في الشرق الأوسط وكنت مهتمة جداً بفهم اتصال الشرق بالغرب من خلال نظرة داخلية أقرب على خطوات التصميم من الفكرة والإتصال بالعميل حتى التنفيذ. 
لم تكن هذه هي التجربة الأولى حيث عملت في ٢٠١٦ مع شركة 20.20 وهي مشابهة في نشاطها إلا أنها كانت تركز أكثر على البعد التجاري للمشاريع من محال تجارية، سينما، معارض أطفال وغيره وكان مفيداً جداً بالنسبة إلى أن أتعرف على نموذج مختلف هذه السنة حتى أميّز الفرق بينهم وأصقل التجربة وأحدد ماأميل له أكثر ولذا أعتقد أن هذه السنة ما هي إلاّ حصاد لما بدأ في سنوات قبلها.  


الأصدقاء والسفر 

من أجمل ماحصلت عليه خلال هذه السنة أيضاً هو تعرفي على صديقة عزيزة جداً من البرتغال، لاأستطيع تخيّل مكان غير لندن كنا لنلتقي فيه، أذكر المحاضرة الأولى لنا بالجامعة، كان علينا أن نستعرض ما لايزيد عن ١٠ دقائق عن أنفسنا ومجال خبرتنا وكنت في غاية توتري حتى أنني أضعت مكان الإجتماع ووصلت متأخرة. لاأنسى لكارولينا كيف أشارت لي من بعيد وأزاحت حقيبتها كي أجلس بجانبها. كانت هذه هي المرة الأولى التي أقابلها ومنذ تلك اللحظة وحتى لقاءنا الأخير قبل أيام في مدينتها لشبونة التي وقعت في حبها بسببها، وأنا مغمورة بصداقتها وطيب الذكريات التي جمعتنا سوياً. حب الفنّ والإهتمام بنقد الثقافات والتصميم، مدينة باث، جين أوستن، زيارة المتاحف والحدائق، أحلامنا للمستقبل، شرب الشاي الإنجليزي مع السكونز، نتشارك الطبق، تحظى بالزبدة وأأخذ المربى، ماتفضله من بقية المطابخ العالمية وحبها للشوكولا الذي يتحول لإدمان عند التوتر وصوتي الذي لايقلّ تعبيراً عن ملامح وجهي التي تجيد قراءتها. 
 في الأيام الطويلة الرتيبة تأتي لمنزلي أو أذهب لها ونعد الطعام سوياً، حتى قررنا أن نبتكر كتاب وصفات خاص بنا ولعله يرى النور قريباً. اكشتفنا في تعلّم الطهي الذكي ملجأً جميلاً بعيداً عن تعقيدات الحياة اتخدناه سوياً كهواية نستمتع بها من وقت لآخر. 

------------

بعيداً عن كل هذا السرد والتفاصيل، أشعر بأنّ نهاية هذه السنة حملت معها نتاج ما قبلها بشكل محسوس، لم تخلُ من الأخطاء والدروس الصعبة لكن أستطيع القول أنني نضجت فكرياً وأصبح من السهل عليّ أن أحدد رغباتي وميولي وماأريده للمستقبل ورغم أنني لا زلت أحلم بالكثير وقائمتي بالتجارب التي أود أن أخوضها لم تنتصف بعد بل وتوسعت بشكل رهيب في السنوات الأخيرة إلاّ أنني أشعر بثقة كبيرة بما وصلت إليه اليوم، أشعر بأنني بعد توفيق الله ورضاه أستطيع أن أفعل الكثير، خاصة بعد اختلاطي بأجناس وأصناف من البشر لاحصر لها وزياراتي للعديد من المدن برفقة وليد وتعرفنا سوياً على الأشياء للمرة الأولى، بعد كل هذه التجارب المختلفة أستطيع القول بصوت أوضح أنني أكثر ثقة بعملي وشخصيتي وقدراتي على النجاح ومايمكن أن أقدمه للآخرين. 

حمداً لله أولاً وآخراً، ظاهراً وباطناً حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه.
ممتنة لوطني الذي وثق بقدراتي، لأبي وأمي، لعائلتي وزوجي الذين لاأكون إلا بهم، للدعوات الصادقة التي غمرني بها الأحباب والأصدقاء. 

وداعاً ٢٠١٧، إلى لقاء قريب لندن ومرحباً بالبدايات الجديدة.   

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

رحلة الماجستير: مشروع التخرج



"… The real issue is whether indeed there can be a true representation of anything, or whether any and all representations because they are representations, are embedded first in the language and then in the culture, institutions, and political ambience of the representer. … [ ] Then we must be prepared to accept the fact that a representation is implicated, intertwined, embedded, interwoven with a great many things besides the “truth,” which is itself a representation" 

Edward Said 


الحديث عن رحلة الماجستير ومشروع التخرج حديث مفعم بالكثير من المشاعر بالنسبة إلي، لايمكن أن أعبّر عن هذه المرحلة بكلمة واحدة أو أن أختصرها بكلام منمق، وحينما أبدأ بالكتابة عن شيء أجد نفسي أسترجع كم من الذكريات وأستطرد فيها ثم أستدرك فأعود للأساس. وربما طبيعة الموضوع تفرض هذا النوع من الكتابة.

مشروع التخرج أو كما أطلقت عليه: موعد مع العربية هو نتيجة بحث بدأ منذ صيف ٢٠١٦  بعنوان إسكات العربية Silencing Arabic حتى نهاية يونيو ٢٠١٧. بدأت وأنا أفكر من وجهة نظر مصممة جرافيك ماهي الأشياء التي قد أبحث عنها وأطبق فيها مفاهيم ونظريات الرواية بحكم التخصص الذي أدرس، ماهي الفئة التي يمكن أن أستهدفها ببحثي؟ كيف يمكن أن أبتكر تجربة أو فعالية تضيف للمستفيدين منها شيئاً مميزاً؟ ولم تكن الإجابة مفتوحة تماماً فأكبر تحدي كان أن أجد شيئاً مثيراً للإهتمام في لندن تحديداً بحيث يمكنني إجراء التجارب والبحث فيه بشكل مباشر دون اللجوء لمراجع فقط أو طرف ثالث.

كانت اللغة العربية من أولى الأفكار التي بدأت بها، بدأت أفكر بوضع اللغة حالياً وكيف يتم استهلاك اللغة عبر التاريخ والإستغناء عنها عندما لاتكون بذات القيمة بالمقارنة مع غيرها. فكرت بمستخدميها من الجيل العربي الثاني أو الجالية التي استقرت في لندن وعاش أبناؤها بعيداً عمّا يذكرهم أو يحثهم على الإهتمام باللغة ولعلّ هذه الملاحظة جاءت بعد أن وجدت نفسي وبعد سنة واحدة فقط في الغربة أستسهل التعبير بالإنجليزية وأستخدم مصطلحات يصعب علي إيجاد مرادفاتها بالعربي. ذهبت لشارع العرب أو كما يسمى، وبدأت أسأل الناس وأستقصي عن نظرتهم لما هو في نظري مشكلة ووجدت أنّ العديد منهم حقاً غير مهتم وبينما يتفقون جميعاً على أن استخدامهم للعربية نادر إلا في مكالمة هاتفية مع أهليهم في الوطن أو كلمات مختصرة لصاحب المقهى إلاّ أنهم لايجدون أن عدم استخدامهم للعربية مشكلة; ببساطة لأنهم لايحتاجونها وليسو مضطرين لها.

بينما أختلف تماماً مع وجهة النظر هذه إلا أن محاولاتي باقناعهم بماأجده مهماً كانت غير مجدية وأدت لطريق مسدود اضطررت معه أن أغير وجهتي وأهداف البحث. انتقلت لفئة أخرى تماماً من الأجانب المهتمين بالثقافة العربية بشكل عام، أين يبحثون عن العربية؟ أين يجدونها في لندن؟ وكيف يؤثر عليهم المحتوى الحالي في المتاحف أوالمكتبات أو الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي في استقبالهم للغة تحديداً؟
أشهر من البحث، المقابلات، ورش العمل بين لندن والدمام واتصالات يومية من استشارات أو تكاليف وكم هائل من المغامرات مع أشخاص وأماكن أكتشفها للمرة الأولى أدت إلى استنتاجات مثيرة أثرت على توجه المشروع وتعلمت أكثر ماتعلمت منها الصبر وأن أحافظ على شغف مستتب دون اندفاع حتى أصل بنفس القوة التي بدأت بها.

الأبحاث التي وجدتها في الموضوع كثيرة جداً لكنها تتناول اللغة بطريقة لاأتفق معها، فبينما تستخدم الكتابات العربية أسلوب اللطم والحسرة على لغة ضاعت، وجدت الكتابات الأجنبية تأخذ صوراً نمطية من ألف ليلة وليلة وغيرها لتفهم اللغة، وحتى عندما تعرض العربية في المتاحف في أوروبا أو غيرها، نجدها لوحة فنية مبهرة بجانب نص مترجم دون تفاعل أبعد من الصورة مع الناظر لها.  وكأي موضوع عربي، ليست اللغة استثناء من ارتباطها بالسياسة بشكل مباشر وماقرأته عن الترجمة تحديداً ودورها المهم في إعادة هيكلة الدول شيء يستحق التعمق.

وعلى عكس توقع الجميع بما فيهم مشرفة البحث أنني سأهتم بشكل الحرف ورسمه بحكم خلفيتي إلا أنني كنت مشدودة أكثر لإحساس اللغة وصوتها المميز وكيف يمكن للإنطباع الذي يتركه صوت النص العربي التأثير على شخص لايفهم معناه. قادني هذا الإهتمام للتعرف على كتاب رائعين في اللغة والصوتيات وموسيقى الحرف العربي أمثال عبدالفتاح كليطو الذي أبهرني، كنت أتمنى أن أعرفهم دون الحاجة للإختصاص ببساطة كناطق بالعربية.

موعد مع العربية في نهايته كان حصيلة تعاون مثمر مع عدد من المبدعين الذين لم يكن ليكتمل دونهم في مجالات منها: الكتابة الإبداعية، التصميم الداخلي، الهندسة الصوتية، التصوير، تصميم المنتجات، الرسم وغيرها. كنت أمارس دوري كمصمم جرافيك وأهتم أيضاً بالإشراف على التنفيذ برؤية واضحة من خلال من أتعاون معهم، أكتب لهم المطلوب وأشرح لكل منهم المشروع من وجهة نظر تخدم ماأطلبه منه.

من خلال فعالية موعد مع اللغة العربية يهدف المشروع المصاحب لهذا البحث إلى تحدي الصورة النمطية السائدة عن اللغة العربية لدى غير الناطقين بها ومعرفة الأسباب وراء ترسخها في أذهانهم. يبحث في الأبعاد السياسية، الإجتماعية والثقافية للمشكلة ويستخدم نتائج البحث لتصميم تجربة فريدة. يدعوهم من خلال الفعالية لتجربة بعيدة عن التكلف تعرض لهم اللغة بصورة قريبة تساعدهم على معرفة بعض أسرار قوتها وتحثهم على المشاركة في النقاش عن تصوراتهم المسبقة ومقارنتها بردات فعلهم تجاه مايقدم لهم خلال الفعالية. تستخدم أساليب مبتكرة خلال الفعالية ناتجة عن البحث المطول للفئة المستهدفة وتشرك حواسهم (السمع- البصر- التذوق) والقليل من الترجمة لتقرّب العربية لهم من لغة وثقافة وتختبر نظرية البحث.- 


عندما أفكر بكم العمل الذي أدى لنهاية المشروع، أدرك، ورغم أنها لم تكن نتيجة خالية من العيوب، أدرك أن قدرة الإنسان أكبر بكثير مما يتوقع وأدرك أن عليه أن يخضع لضغط الوقت والحاجة حتى يُجبَر على تحدي نفسه. ولا يهم مايعتقده الناس أو يظنونه بأن أي شخص قادر على إكمال الدراسات العليا في وقتنا الحالي، الموضوع شخصي جداً ويستحيل تعميم صعوبته أو سهولته دون معرفة دقيقة. وحدك أنت صاحب التجربة تعرف مالذي بذلته وأين وصلت وإن كان يستحق أو لا.

عموماً، العديد من المهارات التي لم يخطر ببالي أن أمارسها يوماً كجزء من العمل اضطررت لها. مثلاً اهتماماتي بالحرف اليدوية من نحت ورسم وغيرها موجودة ولكنني لم أتعامل مع ورشة خشب وأضطر لاستعمال المنشار أو آلة القص أو المفك أو غيره من قبل، وربما لو أتممت هذا المشروع في مكان آخر لأوكلت هذه المهام لشخص أعتقد أنه أكثر خبرة مني. لكنني اضطررت وتفاجأت بما يمكن أن أصنع بنفسي فقط إن حاولت. لم تكن هذه هي الحالة الوحيدة والعديد مما نتعلم في الحياة غالباً مانضطر إليه حتى نتقنه.

أكثر ماأضافه لي هذا التخصص هو توسيع دائرة خبرتي كمصمم جرافيك لأستوعب المساحة والمستخدمين بشكل أكبر، كيف يمكن استخدام المساحات لإلهام التصميم، كيف يمكن للمكان أن يروي القصة بالإضافة لاحتوائها. أضف لذلك مساعدتي في فهم المستخدمين بطريقة أكثر إبداعاً ومالذي يعنيه أن تكون مشاركاً في التصميم مع مصممين آخرين بأسلوب حضاري متفهم.
Co-design- collaboration- action research- narrative theories and more. 

لايمكن أن أختصر هذه المرحلة من حياتي بتدوينة واحد فقط وأظن أنني سأظل أتحدث عنها وأكتب لفترة ليست قصيرة حتى أستوفيها حقها ألا تنسى. قرار الإلتحاق بالدراسات العليا كان أفضل قرار اتخدته حتى الآن بجانب ارتباطي ورغم أن العقبات موجودة والرحلة لم تكن مفروشة بالورود، وربما هناك جامعة أفضل وتخصص أفضل أو مدينة أخرى كنت سأتعلم منها لكنني لم أفعل ولاأريد أن أنتهي بشك أو ندم أو مايمكن أن يؤثر به الناس على نظرتي لذا أفضل أن أكون واقعية وأن أصفها كما هي دون مبالغة لكن دون بهتان أيضاً. ولعلّ أكثر من يعرف عن هذه المرحلة وليد الذي لايزال دعمه أكبر سند لي، يقول لي دائماً ليرفع معنوياتي أنه فخور بماحققته. سأصدقه هذه المرة.

للإطلاع على المشروع أكثر يمكنكم مشاهدة الرابط التالي: 

http://mariamstudio.com/lunch-with-arabic 



Feature Post