كنتُ في حديث قبل فترة مع مسؤولة عن أحد الأندية التطوعية حول عظيم أجر من يعمل لله عز وجل وبالتحديد من يستحضر هذا الأجر كأسلوب حياة في كلّ مايعمله، عظيم الأجر لايكون فقط بالأجر الأخروي عند الله ولكنّ المرء يجد لذته في الدنيا حيث يستمتع بما يفعل ويخلص في اتقانه ويفتح الله له بنيته أبواباً لم تكن لتخطر على باله.
كلّنا يعرف هذا الكلام وما من أحد إلاّ وقرأه أو سمع به، لكن عندما نأتي للواقع نجد أنّ تصرفاتنا لا تمت لهذا المعنى العميق بصلة.
كلّنا يعرف هذا الكلام وما من أحد إلاّ وقرأه أو سمع به، لكن عندما نأتي للواقع نجد أنّ تصرفاتنا لا تمت لهذا المعنى العميق بصلة.
منذ البداية وعندما نبدأ بادراك تصرفات الآخرين نحونا وعلى سبيل المثال في المرحلة المتوسطة عندما نقابل معلّماً يجتهد في تصعيب الدروس، وآخر لا نجد اجتهاده إلا عند حضور المشرف أو المسؤول للصف، يستنكر جميع الطلاب عليه ذلك ونتوعدّ بأننا وأنّنا لو كنّا مكانه فلن نكون مثله أبداً، وفي مرحلة متقدمة ندخل الجامعة ونقابل مختلف الأشكال والألوان من الإداريين والمحاضرين ومنهم من يُحسن ومنهم من يسيء ونظل موقنين بأننا لن نصبح مثلهم أبداً وسنكون مخلصين وماإلى ذلك من حلو الكلام.
وتمرّ السنين...
ويصبح ذلك الطالب أستاذاً في المدرسة وذلك الجامعي محاضراً ويكون ربّما أسوأ من النماذج التي قابلها. هل تعتقد أنّ هناك من قفز على كرسي الوزارة أو الإدارة وحصل له ذلك فجأة؟ كلهم يوماً كان ذلك الطالب الذي انتقد وذلك المواطن الذي عانى، ظلّ عقله في تقدّم لكنّ نيته تغيرت أو ربّما نسي ماكان يدعو بالأمس، أحياناً تتعجب من تصرفات بعض الأشخاص وتتساءل ألم يجرب يوماً أن يكون تحت مسؤول؟ لمَ قد يُسيء عمداً من مرّ يوماً بتجربتك؟ لكنّه وإن كان يوماً في موقفك فقد أعمته الدنيا ولربما يعتقد أنّه يقدم خدمة للعالم بما يفعله حتى يصنع نماذج تشبهه.
ويصبح ذلك الطالب أستاذاً في المدرسة وذلك الجامعي محاضراً ويكون ربّما أسوأ من النماذج التي قابلها. هل تعتقد أنّ هناك من قفز على كرسي الوزارة أو الإدارة وحصل له ذلك فجأة؟ كلهم يوماً كان ذلك الطالب الذي انتقد وذلك المواطن الذي عانى، ظلّ عقله في تقدّم لكنّ نيته تغيرت أو ربّما نسي ماكان يدعو بالأمس، أحياناً تتعجب من تصرفات بعض الأشخاص وتتساءل ألم يجرب يوماً أن يكون تحت مسؤول؟ لمَ قد يُسيء عمداً من مرّ يوماً بتجربتك؟ لكنّه وإن كان يوماً في موقفك فقد أعمته الدنيا ولربما يعتقد أنّه يقدم خدمة للعالم بما يفعله حتى يصنع نماذج تشبهه.
يقول خير البشر محمد صلى الله عليه وسلّم: “ كلّ رجل من المسلمين على ثغرة من ثغر الإسلام، الله الله لايؤتى الإسلام من قبلك” فكلّ مسلم هو سفير لهذا الدين مهما كانت صنعته وكلنا سفير لهذه الرسالة أيّاً كانت مناصبنا وسنُحاسب. المشكلة أننا نعتقد أنّ خدمة الإسلام يجب أن تكون في المحافل الدعوية وخُطب الجمع لكنّ فضل الله واسع وأبواب الخير كثيرة “إنّ المؤمن ليبلغ بنيته مالم يبلغ بعمله”!
نحنُ الآن على أعتاب عام دراسي جديد وأنا هنا أخاطب نفسي قبل الجميع، ولعلّ الحديث أمام الملأ يُحمّل المرء المزيد من المسؤولية في مراقبة سلوكه، لنستحضر نيّة العمل لأجل الله وأعتقد جازمة أنّها الحل لكلّ مانعاني منه في مختلف المؤسسات لأنّ صناعة النية هي صناعة توجه وفِكر وبالتالي سلوك. لو أنّ نيتك في استيقاظك وذهابك للمدرسة أو الجامعة هي طلب العلم لخدمة أمة، لو أنّ نيتك فيما تُعطيه وتبذله من وقت هو إصلاح مجتمع، لو أنّ نيتك في اتقانك لحرفتك هي مسلم قدوة وعمل لما يحب أنّ يراه الله من إخلاص، وغيرها من الأمثلة كثير، عندها ستتغير نظرتك للأشياء وتعاملك مع الناس، وسيزيد صبرك وستوقن أنّ أجرك هو ماتنتظره عند الله، ولن تنسى معاناتك في قديم الزمان ووعودك التي حقق الله لك منها المنصب ليختبر صدقك في تأديتها.
جرّب أن تجلس مع نفسك الليلة وحدثها عن ١٠ نوايا صادقة تحتسبها فيما تنوي فعله لهذا العام، اجعلها حاضرة في ذهنك وذكّر بها قلبك قبل أن تُقدم على أيّ عمل بالقبول أو الرفض. الأمر ليس بهذه السهولة وهو يتطلب الجهاد ومن يعقد العزم عليه لابد أنّ الله سيختبر صِدقه ولكنّ التزامك به سيجعلك ثابتاً في زمن قلّ من يثبت فيه وستكون عنده مرتاح البال لأنّك موقن أنّك مستخلَف لإعمار الأرض لا للتجبّر فيها.