ثورة على السوق
الحياة دائماً تفاجئك بأشياء لم تخطط لها وكإنسان منظم لاتعجبني المفاجآت خاصة فيما يتعلّق بالعمل أو الدراسة. أعتمد كثيراً على قائمة المهام وأحب أن يكون يومي فيه أهداف أنجزها بنهايته. لكن تجري الرياح ...
نهاية الأسبوع الأول من التدريب الصيفي. كبداية كانت جيّدة وفي آخر يومين تعلّمنا أشياء مهمة للغاية تميز العمل عن الدراسة.
في الدراسة هناك دائماً وقت كافي يقدره الأستاذ المصمم وهو يعرف طبيعة عملك ومايحتاجه. في السوق العميل دائماً مستعجل ويبحث عن أفكار سريعة التنفيذ بمقاييس جودته لا بخلفيتك الأكاديمية.
في الدراسة الفلسفة التصميمية ترفع من قيمة العمل بينما السوق يريد شيئاً له قيم جمالية بغضّ النظر عن فلسفته.
في الدراسة أنت تتعامل مع فئة مختلفة تماماً والجمهور عادة هم أشخاص يقدرون الفن ويعرفون قيمة ماتفعل أما السوق ففيه الكثير ممن يعتبر ماتقوم به "طقطقة فوتوشوب" ويجد صعوبة في تقبّل تخصصك.
لاأتحدث هُنا عن الكلّ لكن هذا ماواجهناه. أغلبية العملاء لايقدرون البحث الذي نقوم به ويريدون فقط أن يعرفوا النتيجة النهائية "الجميلة". -وأقول هنا أغلبية من خبرتي التي لاتتجاوز سنتين في العمل مع فئات مختلفة من المجتمع-
كنّا نعمل على مشروع استغرق منّا ثلاث أيام بمعدل ٦ ساعات يومياً، واكتشفنا بعدما سلمنا العميل المشروع مبدئياً أنه كان يريد منّا مايستغرق ١٠ دقائق.
-صدمة؟
-جداً!
-لابأس هكذا نتعلّم.
صعب جداً أن تقنع نفسك بهذا الأمر والأصعب أن تنسى كل الفلسفة التي تعلمتها لترضي عميلك. كيف تجمع بين الاثنين؟ كيف تقنع العميل بفكرتك الجديدة وفي نفس الوقت تعمل بشيء ترضا عن قيمته بمختلف المقاييس.
نتفق جميعاً أنّ السوق يحتاج لتوعية بما يتعلق بالجرافيك ديزاين. مثلاً في هذا المشروع استخدمنا "trend" المستخدم حالياً في مجاله، لكن بالنسبة لمجتمعنا تعتبر قفزة جريئة صعب أن يتقبلها الجمهور بهذه السرعة. وقد أخطأنا في تقدير هذا الأمر للأسف.
نحتاج لوقت وصبر أو "طولة بال" كما يقال ونحتاج إلى خطة مدروسة لهذه التوعية.
أتمنى لو يكون هناك مجموعة متحمسة لهذه الفكرة ويكون لها راعي وميزانية بحيث نقوم بعمل حملة توعوية عن التصميم الجرافيكي. أهميته، مجالاته، آخر ماتوصلت له التقنية وماإلى ذلك.
لايعني استخدام الألوان والرسومات المعقدة أبداً أنك أفضل أو أنّ لديك من المال الكثير كما هو سائد! الفن في البساطة، وقد تكون هذه وجهة نظري لوحدي، لكن فنيّاً هذا هو المتعارف عليه. ويمكنكم البحث في أي موقع مختص بالتصميم والمقارنة بينما نشاهده على الشبكة وبين واقع تصاميمنا.
بحثت عن عميل مفضّل لكن للأسف; الرجال يريدون الخطوط القوية والمجسّمات والألوان الصريحة والنساء يبحثون عن التفاصيل والنقوش والصور الحالمة. والمصمم بين هؤلاء يريد أن يتميّز بفنه ويثبت نفسه في مجاله.
كيف لطريقته أن تبرز وفي نفس الوقت يرضي ذوق عملائه؟
أعتقد لو أن أحد الشركات الكبرى تبنت "ستايل" أو نمط جديد في تصاميمها لكانت مثالاً يحتذى به لباقي الشركات. لكنّ الجرأة في التغيير تحتاج لوقت طويل.
هذا الأسبوع كان مزدحماً جداً بين الجامعة والتحضير للملتقى وساعات التدريب. أتمنى أن يكون الأسبوع القادم أفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق