الخميس، 9 يونيو 2016

رمضان، فرصة لطلب العلم


أكثر شي تتعلمه في الغربة، أو ربما تضطر لتعلمه هو امتلاك الحجّة،
لا يختلف كثيراً دفاعك عن قراراتك أمام لجنة تحكيم في دراستك، عن دفاعك عن معتقد أو مبدئ تؤمن به، كلاهما يتطلب العلم والأسلوب المقنع وبعض ما ننشئ عليه كمبادئ يبدو واضحاً جداً في عقولنا إلاّ أننا نُهزم أمام أول استفسار يدخل في تفاصيل لانملك إجابتها بالدرجة المطلوبة.

تطوير مهارات القدرة على النقد، التحليل والتربية على العقلية التي تستطيع طرح سؤال لكل مالاتفهم حتى تسعى للإجابة عليه، شيء يجب أن يكون ضمن منهج الدراسة ولا أعني طرح كل مايخطر ببالك دون تمحيص ولهدف السؤال فقط، ولكن ضمن منهج علمي يبدأ من مشاهدات يومية وينتهي بعقول مهيئة للطّرح البناء وللإجابة المقنعة عن الأسباب. 

في كثير من الأحيان وجدت نفسي في صمت مطبق لسؤال يتعلق بمظهر أو مسألة من المسلمات في ثقافتنا وفي أحيان كثيرة في ديننا رغم أني أعرف أهميتها والسبب وراءها، لكنّ كل هذا لايبدو مقنعاً عندما أخاطب به شخصاً لايحمل خلفية تشبه ماأعرفه. 

 أقدّر الأشخاص الذين يملكون الأسلوب في إقناع من حولهم بفكرة مهما كانت، والأجمل إن كانوا يملكون الصّبر اللازم للإجابة عن كل مالم يعتادوا السؤال عليه، لتقبّل ردات الفعل المختلفة التي قد لاتعجبهم في كثير من الأحيان أو قد تستفز شيئاً يعتقدون بصحته.أعترف الكثير من الخلل هنا هو شخصي ربّما لم أقرأ بمافيه الكفاية ربما لم أدخل في حوارات نقدية أو أهتم كثيراً بسماع من لايوافقني الرأي. حقيقة كثير من تصرفاتنا كمجتمع تقوم على العلاقات الشخصية والمجاملات اللامتناهية سواء في مجال العمل أو العائلة لذلك نجد الكثير من المظاهر والقليل من الجوهر للأسف ولذا فليس هناك حاجة واضحة كي نبحث عن العلم. 

أن تنشئ في وسط متشابه، يتصرف بنفس السلوك ويتبع نفس المنهج لايعني بالضرورة حاجتك لإمتلاك الحجة، لمَ قد تحتجاها والجميع يملك شيء يشبه مبادئك؟ لكنّ هذه الحجة ستجعلك متيقن، قويّ بعلمك وأبلغ في إرسال قضيتك للعالم خصوصاً في عصر كل شيء فيه مفتوح ومن لايعرف المعاني الحقيقة لمايقوم به قد يقع بسهولة في الفتن وقد يغيّر فكره بين لحظة وأخرى لأنه قلد مانشأ عليه دون أن يعي معناه الحقيقي. 
قبل فترة وفي حديث عن مشاريع الإجازة الصيفية، طرحت إحدى زميلات الدراسة رغبتها في الإلتحاق ببرنامج يهدف إلى تصفية الروح وإنهاء تعلقها بالماديات المنتشرة في عصرنا الحالي. هي لاتعرف الإسلام، لكنّها عبرت عن خطة البرنامج بأنه صوم عن الحياة. ثلاث أسابيع من الصمت التام، لقاء في كل أسبوع، رياضة يوقا وانقطاع تام عن كل شيء آخر.أخبرتها عن رمضان وبأنّ صيامنا يشمل الطعام والشراب أيضاً ولكنه ينتهي بغروب الشمس، وعلى عكس من يصوم صوماً تاماً عن الحياة، يوفر لنا الإسلام نظاماً سنوياً لاعادة التوازن بين الروح والجسد. أخذنا الحديث إلى نقاشات متفرعة ووجدتني في جزء كبير منها أتحدث بارتباك خوفاً أن أصل إلى صدام أو أن ينتهي الحديث بشيء غير إيجابي عمّا أؤمن به. 

الشاهد من القصة، عندما يسألك شخص غير مسلم عن الصوم، لايكفي أن تكون إجابتك "نصوم لنحس بالفقراء" هذه الحجة غير كافية وإن لم تعرف من مغزى الصيام سواها فستقع في مشكلة فإما أن يقنعك الشخص الآخر بعدم أهمية ماتفعله أو أن ينتهي النقاش بتشكيكك بالهدف وكونك تابع دون إرادة وكذا كافة الشعائر التي نعرف أهميتها ونمارسها مؤمنين بها كركن من ديننا ولكن للأسف لانذهب لأعمق من السلوك فنفهم حقيقة السبب في فرضها وأثرها على الإنسان جسداً وروحاً.

نحن الآن في رمضان، وأعتقد أنها فرصة ثمينة لترجو شيئاً من العلم الذي ينفعك في آخرتك، العلم الذي يعطيك الحجّة، العلم الذي يُفلح في إقناع شخص لايعرف عن دينك ماتعرفه! ولايعني هذا أن السفر ضرورة لتطبّق فهمك، ولكنه المنهج المتبّع في البلاغ، فهناك فرق عندما تعرف عن دينك ما يكفي ليصحح سلوك خاطئ أو تصرّف بدعي وعندما تعرف عن دينك مايُقنع شخصاً ربما لم يسمع عنه أبداً ليغيّر من نمط حياته ويحترم ماتقوم به. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Feature Post