لاأستطيع تذكر تاريخ بدايتي في التعليم فمنذ زمن طويل وأنا في هذا المجال، أتذكر دروس المصلى في المتوسطة وتطوعي في الصيف مع غراس أو لتدريس الأطفال في أحد المراكز الصيفية، بل لاأكاد أتذكر صيفاً دون أن أكون ضمن أحد هذه البرامج وأعتقد أن سنوات الجامعة صقلت هذه المهارة من خلال مهارات العرض العلمي وأسلوب طرح الأفكار بشكل أكثر حرفية.
خط زمني
أذكر خلال دراستي الجامعية إعدادي لدرس ديني أسبوعياً بيني وبين زميلاتي لايزال من أجمل ذكرياتي، كنت أستمتع بتلخيص الدروس وإعادة سردها بطريقة قصصية وتفاعل الأشخاص مع ما أروي كان حافزاً كافياً كي أستمر.
في السنة الثالثة، أنشأت نادٍ للقراءة مع زميلتي أسميناه تطوير وقدمنا من خلاله عدداً من الفعاليات. جاءتني خلال هذه الفترة رسالة بترشيحي للمشاركة في المؤتمر العلمي من خلال تقديم ورشة عمل عن القراءة السريعة، كنت سعيدة جداً بهذه المشاركة وفكرة أن يتم ترشيحك لأداء ماتبرع به لأول مرة يمثل تحدٍ شيق قد يجعلك تستيقظ دون الحاجة للمنبه.
وظيفتي الحالية أثارت عدداً لانهائياً من التساؤلات عن التعليم. سنوات عملي الأولى كنت فيها أقرب للمراقب المتعلم منها للمعلم، كنت في موضع يسمح لي برؤية الأشياء على بعد وغالباً يكون من السهل ابداء الآراء في مسائل لسنا بعد في موضع تحت ضغوطات اتخاذ القرار فيها.
مؤخراً اختلفت القصة، فمنذ أن عدت من الماجستير استلمت مهام المحاضر وهي في القسم الذي أعمل فيه على الأقل لاتختلف عن مهام الدكتور المسؤول عن المادة بل أكثر. منذ أن يتم وضع اسمك في الجدول حتى تسليم التقرير النهائي عن المادة ومراجعة نتائج تقييمها مع رئيسك أنت المسؤول عن كل مايتعلق بها. مهام ومسؤوليات مختلفة وأمور قد لاتكون فيها خبيراً بعد وأحياناً تكون مهام غير محببة لأن الموضوع لا يتعلق فقط بحضورك وشخصيتك المميزة داخل الفصل لكنه يتعداه ليصل لمدى التزامك وجديتك وحضور شخصك مع الطالب ومع مرؤسك في نفس الوقت، تكون ليناً هنا حازماً هناك ومتفهماً في كثير من الأحيان التي لا تفهمها في اللحظة.
سؤال المرحلة
أكثر ماتعلمت منه ولاأزال هو حديثي مع زميلاتي في المهنة ونقاشاتنا المستمرة حول كيفية التصرف في مواقف مختلفة، فمن الصعب إيجاد كتاب تتبعه خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأشخاص حولك. يتبع كل منا نهجاً مختلفاً ويطرح الجميع وجهة نظره دون أن نتفق لكنني أستمتع بسماع الإختلافات ومنها أفهم أنّ الطريق الصحيح ليس بالضرورة واحداً.
أعتقد أن أكثر ماتحتاجه هذه المهنة هي الحكمة وسرعة البديهة، وكلاهما يتطور مع سنوات الخبرة، الممارسة والإستماع أكثر من الكلام، عندما لاتعرف كيف تتصرف وتساءل نفسك هل مافعلته هو الصواب فأنت تقوم على الأرجح بأفضل ماتستطيع، وهناك معلمون بالفطرة وآخرون يتعلمون وبعضهم ليست المهنة في دمه ببساطة والمؤهلات لا تقتصر فقط على التحصيل العلمي أو حضور الشخصية، بل أهمها الأمانة في التعلم ونقل المعلومات ومخافة الله في المسؤولية التي بين يديك وهو الدافع الأقوى خصوصاً عندما لاتكون في أفضل حالاتك.
أحاول دائماً أن أرى الصورة الأكبر، أن أحب عملي كل يوم أكثر مما قبل وأن أكون على قدر من الحضور والإتقان الذي لا يقصر في حق طالباتي أولاً ثم في حق وظيفتي التي أؤمن بأنّ هدفها الأساسي هو إعداد الشباب لخدمة الوطن من خلال تعليمهم القيم والمهارات المطلوبة والمتوقعة لسوق العمل وإعدادهن للحياة بشكل أدق خصوصاً من خلال دراسة التصميم الذي غير حياتي شخصياً.
لم يمت من له أثر*
كل يوم يزداد فهمي لمعنى التعليم بشكل أكبر، فأن تكون معلّماً لايعني أن تمارس مهنة التدريس فقط، هي أن تكون قدوة في نفسك أولاً ومن ثم في مجال تخصصك، أن تحتوي وتوجه وأحياناً أن تكون مرشداً مسؤولاً في نفس الوقت. أتمنى أن أكون معلماً ذو أثر وأعتقد أنني أمتلك المقومات اللازمة لذلك وأدعو الله أن يعينني على صقلها وتطويرها…
يطول الحديث حول هذا الموضوع ولاأعرف إن كان ينتهي لخلاصة لكنني أحببت أن أوثق شعوري في بداياته حتى أتمكن من زيارة هذا الشعور بعد سنوات وأرى إن كنت أتفق معه أم لا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق