الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

السنة الماضية في مثل هذا الوقت تقريباً كان لدينا مشروع يدعى:"صدمة حضارية" الفكرة هي أن تأتي بمدينة لها ميزة غير معروفة تعرضها بطريقة فنية مبتكرة بهدف انو أي أحد يشوف أو يسمع أو يشترك فيها يعيش تجربة حقيقية للميزة المطروحة. 
لمن تكون انت في خضم المشروع غير لمن تتفرج عليه ولمن تتفرج عليه وعندك خلفية ممتازة عنه غير لمن تكون مشاهد عابر. هذي السنة واليوم تحديداً الدفعة اللي أصغر مننا عملو نفس المشروع و حضرنا اليوم عرضهم. 
الأفكار كانت مختلفة تماماً عن اللي طرحناها وفعلاً تستغرب قد ايش في أشياء غير معروفة عن حضارات معروفة جداً. مثلاً أحد المشاريع كان يتكلم عن فيتنام وإنهم مشهورين بالقهوة! مشروع ثاني كان يتكلم عن الفاشن النازي وكيف انو هتلر عيّن هيوجو بوس كمصمم للبدل العسكرية للنازيين! 
مين كان يتخيّل بس؟
النقاشات اللي انطرحت وكمية المواضيع الغنيّة كانت ممتازة، وهذا أحد أكثر الأشياء اللي أحبها بالديزاين. التصميم مش شكل ولا رموز جميلة التصميم فكرة عميقة تحكي تاريخ تحكي قصة حتى لو كانت شخصية. أما التصاميم السطحية فتموت بوقتها بدون مايذكرها أحد. 
مع كلّ هذي الثقافات المختلفة من الشرق لين الغرب كان الختام مشروع يتكلم عن فلسطين. عنوانه كان "سُرّاق"  صاحبة المشروع اسمها سميّة العقيل ويمكن الاسم مألوف للبعض.

                                     
سميّة من الأشخاص الي أي مشروع تسويه يكون فيه لمسة عربية، لمسة أصالة لمسة مختلفة وجميلة جداً. 
المشروع كان يتكلم عن الحضارة الفلسطينية المسروقة وكيف انو تاريخ فلسطين جالس يُعرض في متاحف عالمية على انو تاريخ اسرائيلي! 
كان في عبارة جميلة جداً مكتوبة في بداية المعرض "الكبار يموتون، والأطفال ينسون" !
إلى أيّ مدى هذي العبارة صحيحة؟ 
إلين آخر سنة بالثنوي كنت أحس بانتماء شديد لعروبتي، لديني، لتاريخ الإسلام، لكن ومن أول سنة بالجامعة وفي بداية المشاريع لمن نبدا نبحث عن مصممين معروفين وندرس طرقهم بالتصميم لين آخر سنة تقريباً لمن نناقش برضو أعمال مصممين معروفين ونحلل كيف فكروا وعكسوا نقاط قوتهم في المطبوعات وغيرها. هذا الانبهار العجيب اللي نتلقاه كلّ يوم في كلّ محاضرة من كل النواحي يخلي همّة الواحد مش زي قبل. 
مع كذا في أول مشروع أنا اخترت مصمم عربي وفي آخر مشروع برضو فكرة وطنية. بس هذا كان اجتهادي الشخصي، اختياراتي المبنية على خلفيتي الفكرية اللي نوعاً ما مختلفة. 
اليوم وسمية تتكلم، نبرة صوتها والجوّ اللي عيشتنا فيه، لمن سألوها ليش هالموضوع قالت بكل بساطة: "أنا كبرت على هذا الموضوع". خنقتني العبرة واستوعبت قد ايش احنا مقصّرين تجاه قضايانا اللي محد يفهمها غيرنا ومع كذا سمحنا للناس تتكلم بلساننا وتحكي أشياء غالباً تكون غلط! 
السؤال مش ليش، السؤال ليش لأ؟ 
مسؤولية المصمم تتعدى رفع ذائقة الناس الجمالية إلى تعليم الناس وتثقيفهم بالأشياء اللي غافلين عنها. وإذا كانت نتائج شغلنا جميلة ايش الفايدة إذا كانت ماتعبّر عننا؟ عن مشاكلنا؟ عن بيئتنا؟ 
ايش الفايدة اني أتخرج بعد خمس سنين وأنا شغلي يشبه أي مصمم في العالم بس الفرق اني بكتب بالعربي؟ 
لو كان في شي حتى بعد الثنوي يأكد على هذي القضايا، يرفع حسّ المسؤولية لدى الناس الجامعيين خصوصاً بمختلف تخصصاتهم كان طلعنا بمخرجات مختلفة. مخرجات تعبّر عن ثقافتنا وعن التزامنا بالقيم. 
المصممين اليوم، على الأقل المصممات في منطقتنا يعتبرون الدفعات الأولى لمفهوم الجرافيك في المنطقة. تخيّلوا بعد عشرين أو ثلاثين سنة لمن نسأل مين بدا؟ ايش شغلهم؟ ونجي نسوي تحليل ونقد فني لهذا الشغل، كم مشروع بنلاقيه فعلاً يعكس الفترة اللي احنا نمرّ فيها؟ ،وكم مشروع بيكون لمصمم مثقف تأثر بالعولمة وبموجة التطور الحالية؟ 
كم تصميم سويت يعبّر عن ثقافتك؟ عن بلدك؟ عن دينك؟
هذي المسؤولية، هذا الوعي لو مات فينا ايش بيكون وضع الجيل القادم؟ أنا مش قاعدة أتلكم عن اهتمامات شخصية، أنا أتكلم هنا عن واجبنا تجاه العلم اللي تعلمناه. 
بالنهاية خيارات كلّ شخص تختلف، طريقة تعبيره بفنّه تختلف، كلّنا نعرف انو الصورة هي أقوى طريقة  للتعبير عن الفكرة وأنا متأكدة انو في مجموعة كبيرة جداً تحمل نفس الهم وعندها نفس التوجه. 
كنت أتمنى انو خلال دراستي أخذت مادة مفصلة تحكي تاريخ الفن الاسلامي، شي متخصص محترم مش خبط لزق أي كلام. 
أنا مش ضد اننا نتعلم من الثقافات الأخرى بالعكس هذا الشي يوسّع مداركنا ويختصر علينا شوط كبير، لكن بالنهاية وبعد ماآخذ هذا العلم كيف أصبّه بطريقة تعبّر عني، تعبّر عن البيئة اللي تشبهني هنا المحك. وهذا لايعني انو تكون المخرجات تقليدية أو كلاسيكية بالعكس التحدّي اني أوظفها بطريقة تتماشى مع العصر الحالي لكن ماتفقد روحها المتفردة.

فكّروا فيها، كم من الأشياء اللي كنّا نشوفها عظيمة وصار طاريها مثل أي شي عادي؟ 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Feature Post