الجمعة، 20 سبتمبر 2013

أحبّ في بلدي

قبل أيام شاهدت مقطعاً على اليويتوب يتحدث فيه طبيب عن اختلاف استجابة المرضى للعلاج بناء على توقعاتهم السابقة وأنهى حديثه بأنّ مانفّكر فيه قبل القيام بأي شيء يؤثر فعلياً على حكمنا على الأشياء وهو ما أثبته بناءً على تجارب فعلية وليس كلاماً نظرياً فقط. 
دائماً ماأدخل في حوارات عن الوطن والثقافة المحلية وكيف ينظر أبناء البلد للبلد وأظنّ هذا الحال الجميع هُنا، يكفي فقط أن تدخل لتويتر حتى تعرف حجم السوء عند الكلام عن موضوع كهذا، ودائماً أستاء من هذه النقاشات وأفكر فيها طويلاً، لم لايستطيع الناس أن يروا شيئاً من الجمال أو الحسن حتى يضيفوه عند الانتقاد اللاذع الذي يقدمونه؟ لم لايستطيعون أن يتحدثوا عن أي مشروع وطني دون أن يدخل شيء من السخرية لحديثهم؟ ولاأعني هنا أنني استنثاء. 
أظن أن ماقاله الطبيب يشرح القصة، نحنُ نتحدث عن كلّ شيء بناء على التاريخ الطويل الذي يحكيه لنا آباؤنا وتثرثر به الأمهات مع قهوة الضحى وفي محادثات الواتس أب، نتحدث بناء على تجاربنا وتجارب أصدقائنا القليلة ربّما لكنها كفيلة بأن تخبرنا عن الوضع السيء الذي نعيشه وعن المشاكل العديدة في مختلف القطاعات التي نعاني منها. 
لاأحد يختلف على وجود المشكلة لكن ماذا لو كان هناك منظار آخر ننظر به للأمور؟ 
أفضل طريقة لفعل هذا هو أن تضع قدمك في حذاء شخص آخر شخص لايملك أي فكرة عن المشاكل الكبيرة ويهتم فقط باكتشاف شيء جديد جميل كل يوم وهو ماحصل معي. 
هذه السنة أدرس عند دكتورة أمريكية الأصل عاشت في السعودية لثمان سنوات وهي "بكل صدق" لاتريد مغادرتها. في كلّ محاضرة لاتنفك تنبهنا عن جمال هذا البلد وعن جمال ثقافتنا والأخلاق التي نعامل بها بعضنا وأهمية الشعور بهذا الأمر كمسؤولية علينا نحنُ مصممات المستقبل. 
في البداية كنّا نضحك باستهزاء "مو من جدها؟" وحتى أصدقاؤها في الخارج يلومونها لأنها اختارت السعودية مكاناً لإقامتها اضافة إلى أنها تدرس في جامعة حكومية أنّ مجال حريتها هنا بالمقارنة مثلاً مع جامعة أهلية محدود جداً. 
أعجبني تفكيرها جداً ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول أن أنظر بمنظورها للأشياء ليس بالحرف ولكن لنقل بطريقة لاتشبه نظرتي السابقة، في نفس الوقت كنت أفكر في كلّ الأشخاص الناقمين على وجودهم هنا والذين يريدون الخروج بأي طريقة ممكنة! 

مالذي أحبّه في بلدي؟ أو لنبدأ بسؤال أبسط، ماذا أحب في عائلتي؟ في نهاية الأسبوع مثلاً؟ في الأشخاص من حولي؟ 
أحب الاجتماعات العائلية في كلّ أسبوع، أحب فكرة العائلة التي يقدسها معظم الأشخاص، أحب الاهتمام الذي يوليه الآباء لأبنائهم والأبناء بالمقابل لآبائهم، أحبّ الدين الذي أراه في تصرفات الناس، في القائهم السلام على بعضهم، في تحريهم أخبار من يحبّون، في حرصهم على حضور صلاة الجماعة والجمعة تحديداً، أحب عندما أرى شاباً يمسك بيد والده ليساعده على النزول من السيارة للمسجد، أحبّ عندما يتسابق الجيران لمساعدة بعضهم وتقديم "الواجب" عندما يمرّ أحدهم بضائقة أياً كانت.
وصدّق أو لا هذا جزء من ثقافة البلد التي لن تجدها في أي دولة أجنبية إلاّ ماندر والتي لاينفك البعض من نهشها وانتقادها!  
البلد ليس فقط في الدوائر الحكومية والخدمات التي يقدّمها، البلد أو الوطن هو الأشخاص الذين يشعرونك بالأمان ويضيفون شيئاً من الحب لما يفعلونه، البلد هو طباع الناس من حولك والدكاكين الصغيرة و بسطة الخضار والشيخ الذي يلقي درساً بعد صلاة العشاء وأشياء أخرى أبسط مماتظن!
أتفق معك أن هناك الكثير من المشاكل والأشياء التي تنقصنا لكننا كأي بلد في العالم، ربّما نحنُ متأخرون أكثر بكثير مما نريد لكن مهما بلغنا من درجة في التقدم سنظل نطلب المزيد وسنظل "مش عاجبنا شي" لأنها الفطرة التي تقتضي بالمزيد والمزيد دون أن تقتنع بما تملك. وهو شيء مزعج جداً حينما يصبح عادة تقوم بها دون تفكير، وإذا استمرينا على هذا النحو فسينتقل لأبنائنا وأبنائهم وسنظل ندور في حلقة مفرغة لا خلاص منها.
لذا في المرة القادمة التي تقود فيها سيارتك أو تخرج لعملك أو تتحدث مع أهلك حاول أن تنظر بعين الشكر لا بعين الانتقاد لماتملك ومايمكنك أن تفعله واسأل نفسك بكل صراحة مالذي أحبه في بلدي؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Feature Post