الجمعة، 12 سبتمبر 2014

الدرس الأول |Trust the process

“ Slow down, calm down, don’t worry, don’t hurry; trust the process! “-Alexandra Stoddard-


على الرغم من أنّ معظم الناس يمرّون بنفس المواقف إلاّ أنّ ردات فعلهم تختلف بحسب اختلاف خلفياتهم الثقافية، طبيعة شخصياتهم وأفكارهم المسبقة عن الوضع الذي يعيشونه. بالطبع ماتعتقده يؤثر بشدة على ما تتخذه من قرارات وما ينتج من سلوكك تجاه الأشخاص من حولك.
خلفيتك الثقافية و أفكارك يمكن لك أن توسّعها وتتعلم منها أو تستبدلها بأخرى، المشكلة عندما تكون شخصيتك أو طبعك هو ما يحكم تصرفاتك. هُنا يتطلب الموضوع المزيد من الصبر وإلّم تكن مقتنعاً تماماً فلن تتكيّف مع أيٍّ كان من الظروف.
ربّما تذكُر في كل مرحلة دراسية من عمرك ذلك الطالب الذي يعرف مسبقاً الجواب ويكمل جُمل الأستاذ ويزعج الطلاب لأنّه مثقف ويعرف أكثر منهم، يستعجل في أسئلة سيتطرق لها معلّمه في نهاية الحصة أو في درس لاحق ويريد أن يعرف أكثر من الآخرين. حسناً لقد كنت أنا في كثير من الأحيان ذلك الطالب، وكانت هذه من أكبر المعضلات التي واجهتها في الجامعة.

عندما قررت دخول تخصص التصميم عموماً كان عليّ أن أعرف أنّه لايوجد إجابات محددة أو توقعات مسبقة للنتائج، عليك أن تحاول وتجرّب وتحاول وتجرّب وتحاول ... وربّما تُضطر في وقت قريب من النهاية أن تبدأ من الصفر. ليس هناك منهج وامتحان، هناك العديد من العمل، وساعات طويلة جداً من البحث والتفكير.
في السنتين الأولى لدراستي وعلى الرغم من أنني تخصصت لاحقاً في تصميم الجرافيك إلاً أنني درست التصميم الداخلي وصدّق أو لا تصدق صممت شاليه في السنة الأولى ومطعم مطلّ على البحر في السنة الثانية!
كانت سنوات تحدّي أمام نفسي قبل الآخرين، وكان من الصعب عليّ أن أتقبّل معظم الوضع. لازلت أذكر المرة الأولى عندما قمت بتسليم الأفكار الأولية لمشروع المطعم، كنت أرتجف خوفاً "ولست أبالغ”، قدمت خمس أفكار “رسومات بالأصح” رُفض ٤ منها وكُتب على الخامسة “يطلع منها” كنت في غاية انفعالي لأنّ أفكاري وصفت بالابتذال والتكرار على الرغم من أنّني قمت ببحث جيّد، لكنّ مواجهة الدكتورة كان آخر ما أفكّر فيه في ذلك الوقت.
مرّت تلك السنة بصورة عجيبة وأتحدث هنا عن السنة الثانية، ابتدأت بشخابيط على ورق وانتهت بتصميم طُبع على خمس أمتار وحصل على ٩٦ درجة ولوحة الخط العربي التي تم اهداؤها بعد ثلاث سنوات لأمير المنطقة الشرقية وعُلقّت نسختين منها في أروقة الجامعة و شاركت في أكثر من معرض، وعلاقة جيّدة بل ممتازة مع من درّسني في تلك السنة. 

دراسة التصميم إجمالاً تتطلب منك الصبر وعدم استعجال النتائج، تعلّم أن تتقبل النقد وتستوعب منه ما يجعلك تتقدم بالمشروع نحو الأفضل، لا تنظر لأعمال غيرك كي تقلل من قيمة ماتعمل ولا تستخفّ  بانتاجك أيّاً كان ولا تسمح لأحد بأن يقلل من قيمته. ربّما تُخفق في البداية لكن عليك أن تُعلّم نفسك بالطريقة الأصعب ربّما أن تثق بسير العملية ككلّ. ومن يعلم ربّما ينتهي ما تظنّه اخفاقاً بنجاح تتذكرّه طوال عمرك!

بعد التخصص كانت الأمور لا تزال على هذا النحو، الانتقاد مزعج ورفض الأفكار يجعلك في مرحلة خطر، خصوصاً أنّ هناك من تُقبل أفكاره من المرّة الأولى، لكنني تعلّمت ألاّ أنظر إلى أفكار الآخرين وأتعمق بها إلا بعد أن “أرسى على بر” وإلاّ فسأصاب بالاحباط. في نفس الوقت عليك أن تعرف إلى أين وصل الجميع حتى تتأكد أنّك تسير على الطريق الصحيح ولست متأخراً.

عندما يصلك اسم المشروع وتأخذ “البريف” عليك أولاً أن تبحث وتتعمق في البحث. البحث الجيّد هو المولّد الحقيقي للأفكار، لا تبدأ بتصفّح بيهانس أو بنترست من البداية، ابدأ أولاً بالفكرة ثم فكّر في تطبيق مبتكر لما توصلت له وبعد ذلك تصفّح ما يمكن أن يلهمك. وحقيقة بعد كلّ ما رأيت في الخمس سنوات الماضية، الأفكار القويّة تأتي من الإلهام الملموس الذي لا تجده في شاشة جهازك.

إذا كنت قد دخلت مجال التصميم ولا زلت في البداية، هنيئاً لك! ستتعلّم الكثير وستكون دروس حياة أكثر من مجرّد خبرة عمل، وصدّقني ستخرج بشخصيّة أكثر نضجاً. وإذا كنت لا زلت في عُمر أصغر وتفكّر في التصميم كمجال، فضع بعض الأمور في اعتبارك وأولها أنّه لا يشبه أيّ من التخصصات الأخرى، ومهما قيل لك عنه فستختلف تجربتك فيه بناءً على شخصيتك وكيفية تعاملك مع الأمور.


إذا كانت لديك بعض الأسئلة عن التخصص أو أي اقتراحات عن مواضييع تخص الجرافيك وتودّ مني طرحها، أرحب بها على البريد الإلكتروني

هناك تعليقان (2):

  1. جزاك الله خير مريم ❤
    كلام يريح ويحفز بنفس الوقت ��
    ونصائح جبارة :)

    شكرا لك ��

    ردحذف
    الردود
    1. يسعدني إنه أفادك، الله ينفع فيه ياربّ

      بالتوفيق :)

      حذف

Feature Post