من أصعب القرارات التي يتخذها الإنسان في حياته، القرارات المتعلقة بالمستقبل.العجيب في الموضوع أنّ كل مرحلة انتقالية في حياة الإنسان تتطلب اتخاذ قرار يعتقد في وقته أنه مصيري ثم يكتشف بعد ذلك أنّ هناك أكثر من طريقة لتصحيحه في حال كان غير موفق.
عندما كنت في المرحلة الثانوية وبالقرب من امتحانات القدرات العامة والتحصيلي كان عليّ اختيار الرغبات الجامعية الست وترتيبها حسب الأهمية، في تلك اللحظة كانت هذه الخطوة هي أصعب خطوة قمت بها، وكنت أعتقد أنّ التخصص الخاطئ هو نهاية العالم!
والآن أنظر لتلك الأيام وأعتقد أنني حملت نفسي فيها أكثر مما يجب ورغم أنها آتت أكلها إلا أنه كان يمكن لها أن تمر بسلام أكبر ..
مع تطور حياة الإنسان تتطور طبيعة القرارات التي يجب عليه اتخاذها ويتعلم كيف يرتب أولوياته، ومن الأمور التي ساعدتني في هذا الجانب حتى في المواقف البسيطة مثل حضور فعالية معينة أو الاشتراك في ورشة أو مسابقة أو غيرها هو النظرة الشاملة للأمور، على سبيل المثال بعد خمس سنوات من الآن هل سأستفيد من هذه الفعالية؟ أو ما أثرها بعد التخرج على فرص حصولي على وظيفة؟ أو هل ستضيف لشخصيتي أم أنها مجرد مهارات؟ ونحو ذلك من الأسئلة التي قد تتفاوت في دقتها من شخص لآخر ولكنّها في الإجمال لا تتحدث عن صعوبات اللحظة وإنّما تنظر بعين المستقبل لأثر هذا القرار.
مايجعلني أستحضر كل هذا هو مقال قرأته عن قدرة الإنسان على التغيير ووجود شخصيات في طبيعتها تميل لصنع الفارق أيّاً كان المجال الذي تحبّه، والعجيب في الموضوع أنّ هناك أشخاص يعلمون بهذه الصفة المميزة لديهم لكنهّم أكسل وعلى قدر كبير من المزاجية من أن يستثمروها في مجالها الصحيح كالتعليم مثلاً أو نحوه.
على سبيل المثال في الفترة الحالية قد يكون المجال الذي تتقنه مليئاً بالتحديات أو أن النقص في موارده كبير، لكنك تعلم أن الوضع في تحسن وأن هناك من الجهود ما يعد بحال أفضل بعد أربع سنوات أو نحوها، هل تتخذ قرارك بناء على اللحظة السيئة؟ أم تنظر للتغيير الذي يمكن أن تساهم فيه بعد سنوات؟
سيحاسب كلّ منا على استغلاله لمواهبه في مجالها الصحيح وتسخيرها لخدمة المجتمع والدين، والموضوع تكليف أكثر من كونه تشريف ويتطلب تحمّل الكثير من المسؤولية والصبر! وفي اختياراتك المتعلقة بنفع الناس ادرس أفضل ما يمكنك تقديمه و أفضل الظروف المتاحة وما يمكن أن تستفيد منه ووازن بينهم.
باختصار..
انتبه لا تضيع فرصة من يدك بسبب خلاف مع مسؤول أو نحوه لأن الفرصة ماتتكرر لكن الكراسي تدور..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق