لاأعتقد أنني كنت يوماً بهذا القرب من أحدهم، يفهمني من نظرة ولاأضطر للتصنع حوله، في اجتماعاتنا نكون الفريق الذي يملك رؤى تكمل بعضها وييأس الباقون من مجاراته وبالرغم أنني لاأذكر تفاصيل طفولتي بجانبها إلاأنني وخلال فترة الغربة لم أكن أقرب من أي شخص سواها؛ جدتي.
جدتي، أو كما أناديها أمي، شخصية استثنائية ، ابتداءً من اسمها: نجمة انتهاءً بحضورها الذي لاتملك تجاهله، رزانتها في الحديث ومراعاتها للأصول والتقاليد تبهرني دائماً ورغم الحياة الصعبة التي مرت بها ورغم أنها لم تتمكن من إكمال تعليمها إلا أنها متقنة للقراءة والكتابة وتتحدث الإنجليزية وتعرف كيف تستخدم التكنولوجيا وتتواصل دائماً معنا على الواتس أب والانستقرام والسناب.
تفاجئني دائماً بقراءتها للأمور والطريقة التي تتحدث بها عن مجريات الحياة، ليست من الشخصيات القوية التي تفرض رأيها لكنك ستجد نفسك مصغياً لها عندما تتحدث.
استحضارها للماضي يأتي دائماً مع شيء من الحنين والشوق للصبا بطريقة مشوقة والمستقبل بالنسبة لها محفوف بطلب المغفرة والعفو من الله وقلب راضي عما قُدّر له.
لا أستطيع الحديث بما فيه الكفاية عن امتناني لوجودها في حياتي بهذا القرب ورغم أننا من جيلين مختلفين تماماً إلا أنها من أقرب الشخصيات لقلبي ومجلسها من أحب المجالس وأكثرها لطافة وخفة.
أجزم أنّ في كل عائلة شخصية استثنائية لن تتكرر يرقب حضورها الصغار قبل الكبار وعلى قدر من الثقافة والمسؤولية التي يتطلع إليها باقي أفراد العائلة. المشكلة أن هذه الشخصيات في الغالب ليست من محبين الأضواء والشهرة أو “المؤثرين” المنتشرين في واقعنا الإفتراضي أكثر من "…" لن تقرأ عنهم السير، لن تجدهم في المقالات أو في المقابلات لكنك حتماً ستتعلم منهم ومن قصصهم مالن تتعلمه في عشرات بل مئات مما سبق ذكره.
وبعيداً عن الكلمات الكبيرة والجمل المنمقة وبعيداً عما يصلح للتوثيق والتصوير، بعيداً عن القوالب التي وضعناها لأنفسنا كمعنى للنجاح ومايستحق الاحتفاء...
فكّر في أحد هؤلاء المؤثرين الحقيقين في حياتك، أمعن النظر وابحث عن البسطاء، تحدث معهم، تذكر الماضي شاركهم مخاوف المستقبل وكلي ثقة أن ساعة من هذا النوع ستثريك فكرياً وستشحن طاقتك المعنوية أكثر بكثير ممن تستمع لهم من خلف الشاشة.
اللهم احفظ لي جدتي وجميع أهلي من كل شر ومتعها بالصحة والعافية ❤
للتواصل والإستفسارات على الإيميل
للتواصل والإستفسارات على الإيميل
لطلبات التصميم على الإنستقرام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق