في نهاية السنة الأولى من التخصص كان المشروع النهائي عبارة عن قرعة بحيث تختار كل طالبة من بين كلمات متنوعة كتبت على أوراق. المطلوب هو أن تبحث حتى تصل لعلاقة تربط بين الكلمتين وتنتهي بتصميم بالتأكيد. في البداية كانت ردات فعلنا عجيبة تجاه الموضوع لكنّ الأمر أثبت جدواه بعد فترة.
كان السحب عشوائياً لدرجة أنّه يمكن أن تبدأ بموضوع عن المطر وتنتهي بموضوع عن الأطفال، الفكرة كانت في البحث وليس في التصميم. المشروع يأخذ شهر بحيث يخصص أسبوعين للبحث وأسبوعين للعمل على تطبيق نتيجته.
في السنة الأولى لتطبيق هذه الفكرة لم تكن النتائج مذهلة بحكم أننا كنّا لا نزال في بداية التخصص.
السنة التي تليها طبقنا نفس الفكرة على المشروع النهائي لكن بطريقة أقل فرضاً بمعنى كان للجميع حرية اختيار موضوعاتهم بشرط ألاً تبدأ وفي ذهنك نتيجة المشروع، تبحث في الموضوع بعيداً عن التصميم حتى تتكوّن لك فكرة واضحة عن كل أبعاده وبعد ذلك تقدّم مقترحاتك عن التصاميم التي قد تخرج بها من بحثك، تناقش فيها ثم يعتمد أحدها وتبدأ رحلة أسبوعين من التصميم.
أكثر ماأعجبني في هذه الطريقة أنّها تناقض مايعرف بـ “ابدأ والنهاية في ذهنك” وتجبرك على السير عكس المألوف ولا تهتمّ كثيراً بالنهاية لكنّها تعتمد على تطوير مهاراتك البحثية وقدرتك على الخروج من أيّ موضوع كان سواء في الفلسفة أو الطب أو الحياة الاجتماعية أو العلوم أوالفلك أو أو.. بمنتج له علاقة بالتصميم.
سأحدثكم قليلاً عن المشروع الذي خرجت به من هذه التجربة في السنة الثانية للتخصص لعلّ الفكرة تتضح أكثر:
كنتُ أبحث عن بداية لا تشبهني، موضوع مثير لم أبحث فيه من قبل بعيداً عن كل الأمور التي قمتُ بها سابقاً، كنّا نجلس في حلقة ونناقش اختياراتنا وكنتُ أخبر زميلاتي بأنني مللت من البحث في الأمور التي أعرفها من هوايات وغيرها، واقترحت كل واحدة منّا موضوعاً على الأخرى. لا أذكر التفاصيل حول كيف وصلت لهذا الموضوع ولكن عموماً بدأت أبحث بكلمة “لاس فيغاس”. مثير ها؟
في تلك الفترة عندما أخبر أي شخص أنني أبحث عن هذا الموضوع يستغرب ويضحك بسخرية: “مرة ماينفع” حسناً لقد جرت الأمور عكس ماتوقعت حقيقة ولكن بشكل جيّد. بحثت في كل شيء يتعلق بالمدينة، تعرفت على أمور لم أكن أعرف بوجودها، عرفتُ لمَ يفضّل كثير من الناس قضاء الصيف فيها ليس لأنها مليئة بالأندية أو غيرها لكن لأنها تملك من الجبال ما يمكنك التخييم فيه وفيها من الطبيعة الجبلية والأنشطة ما يستهوي الكثيرين. مدينة تقام فيها العديد من الفعاليات ولست هنا لأتحدث عنها.
في السنة الأولى لتطبيق هذه الفكرة لم تكن النتائج مذهلة بحكم أننا كنّا لا نزال في بداية التخصص.
السنة التي تليها طبقنا نفس الفكرة على المشروع النهائي لكن بطريقة أقل فرضاً بمعنى كان للجميع حرية اختيار موضوعاتهم بشرط ألاً تبدأ وفي ذهنك نتيجة المشروع، تبحث في الموضوع بعيداً عن التصميم حتى تتكوّن لك فكرة واضحة عن كل أبعاده وبعد ذلك تقدّم مقترحاتك عن التصاميم التي قد تخرج بها من بحثك، تناقش فيها ثم يعتمد أحدها وتبدأ رحلة أسبوعين من التصميم.
أكثر ماأعجبني في هذه الطريقة أنّها تناقض مايعرف بـ “ابدأ والنهاية في ذهنك” وتجبرك على السير عكس المألوف ولا تهتمّ كثيراً بالنهاية لكنّها تعتمد على تطوير مهاراتك البحثية وقدرتك على الخروج من أيّ موضوع كان سواء في الفلسفة أو الطب أو الحياة الاجتماعية أو العلوم أوالفلك أو أو.. بمنتج له علاقة بالتصميم.
سأحدثكم قليلاً عن المشروع الذي خرجت به من هذه التجربة في السنة الثانية للتخصص لعلّ الفكرة تتضح أكثر:
كنتُ أبحث عن بداية لا تشبهني، موضوع مثير لم أبحث فيه من قبل بعيداً عن كل الأمور التي قمتُ بها سابقاً، كنّا نجلس في حلقة ونناقش اختياراتنا وكنتُ أخبر زميلاتي بأنني مللت من البحث في الأمور التي أعرفها من هوايات وغيرها، واقترحت كل واحدة منّا موضوعاً على الأخرى. لا أذكر التفاصيل حول كيف وصلت لهذا الموضوع ولكن عموماً بدأت أبحث بكلمة “لاس فيغاس”. مثير ها؟
في تلك الفترة عندما أخبر أي شخص أنني أبحث عن هذا الموضوع يستغرب ويضحك بسخرية: “مرة ماينفع” حسناً لقد جرت الأمور عكس ماتوقعت حقيقة ولكن بشكل جيّد. بحثت في كل شيء يتعلق بالمدينة، تعرفت على أمور لم أكن أعرف بوجودها، عرفتُ لمَ يفضّل كثير من الناس قضاء الصيف فيها ليس لأنها مليئة بالأندية أو غيرها لكن لأنها تملك من الجبال ما يمكنك التخييم فيه وفيها من الطبيعة الجبلية والأنشطة ما يستهوي الكثيرين. مدينة تقام فيها العديد من الفعاليات ولست هنا لأتحدث عنها.
لم أكن مهتمة كثيراً بالمدينة ولكنّ اهتمامي انصب على لماذا يفضلها الناس؟
انتقلت للبحث عن سبب تفضيل الناس للمناطق المزعجة أو الضوضاء، فكما هو معروف لاس فيغاس مدينة مكتضة بالسكّان و في الليل يصبح قلب المدينة وكأنّه يحتفل للمرة الأولى في حياته! الأضواء مشتعلة، الناس في حركة دؤوبة ووسائل المواصلات لا تتوقف عن الحركة.
على عكس كوني شخصاً يبحث عن الهدوء ويبتعد عن الازعاج هناك من يذهب لوسط المدن المكتضة مثل نيويورك أو لاس فيغاس ليس لشيء ولكن ليتيه بين الجموع. حينما يكون حولك الكثير من الأشخاص والكثير ممن لايبالي بوجودك ممن لاتعرف، لايكون وجودك هناك أمراً ذا قيمة وكأنك لوحدك في الازدحام. فكما أنّ عدم وجود الأشياء يعني الفراغ فوجودها بصورة مبالغ فيها يساوي الفراغ أيضاً. وجدت العديد من الأبحاث والدراسات التي تتحدث عن الموضوع بطريقة غريبة، كيف يكون للأصوات العالية من حولنا أثر على تصفية أدمغتنا وتفريغ السالب من الشحنات التي توجد بها. صدق أو لا كما أنّ الضوضاء قد تصيبك بالمرض هناك أشخاص يألفونها ويلجؤون لها لتصفية تفكيرهم!
وهكذا تحوّل موضوع البحث من لاس فيغاس لفلسفة الصوت، ولم يقف هنا!
بدأت أبحث في الموجات الصوتية وتأثيرها الذي يتعدى الإنسان للجمادات، الموضوع قديم جداً يرجع للحروب النازية عندما دُمّرت مدن بكاملها باستخدام ذبذات متخصصة، إلى أن صدرت قوانين دولية تحدد المسموح باستخدامه من ترددات الصوت المختلفة بناء على تأثيرها.
وهكذا تحوّل موضوع البحث من لاس فيغاس لفلسفة الصوت، ولم يقف هنا!
بدأت أبحث في الموجات الصوتية وتأثيرها الذي يتعدى الإنسان للجمادات، الموضوع قديم جداً يرجع للحروب النازية عندما دُمّرت مدن بكاملها باستخدام ذبذات متخصصة، إلى أن صدرت قوانين دولية تحدد المسموح باستخدامه من ترددات الصوت المختلفة بناء على تأثيرها.
اليوم وتبعاً للتطورات المنطقية للموضوع والمخيفة في نفس الوقت، هناك من يروّج لفكرة Digital Drugs الفكرة جيّدة لكنّ وضعها في اليد الخطأ أدى إلى وجود مواقع ترّوج هذه التقنية للمراهقين والأمر أشبه بغسيل الدماغ!
الفكرة أنهّا تبعيك مقطعاً صوتيّاً، تطلب منك استخدامه بطريقة معينة في وقت معيّن وبتكرار ما، حتى يؤثر عليك وكأنّك قمت بأخذ جرعة كوكاين أو هيروين أو غيرها من المخدرات والمسكرات.
مستحيل؟
لاشيء في عصرنا مستحيل :)
هناك في المقابل من يستخدم الأصوات بشكل عام كنوع من العلاج النفسي وهناك وهو المخيف أكثر من يدرس تأثير الذبذات والترددات على دماغ الإنسان ليتسخدمها في التأثير عليه لأغراض غير سليمة.
أين وصلت في المشروع؟ في هذه المرحلة كنت منبهرة جداً بكمية المعلومات التي تعرّفت عليها ونسيت أنّ عليّ أن أوصلها للتصميم. لكنّ الأمور سارت جيّداً في النهاية وللّه الحمد. فكّرت ماذا لو تطورت هذه التقنية لدرجة أن يتم طرحها في الأسواق وتصبح فعلاً أدوية تباع في الصيدليات؟ هل يمكن استباق الأحداث وتصميم دواء يعالج بالصوت بدل الحبوب، الشراب أو الإبر؟
يوماً ما سيكون هذا كلّه جزءاً من حياتنا اليومية وبطريقة جيّدة hopefully.
هنا بعض الصور للمشروع:
صممت ثلاث أنواع للدواء المعالج بالصوت، للصداع، الأرق ولاكتئاب، مرحلة التصميم كانت رحلة أخرى من البحث لأن ماصممته يعتبر جديد في مجاله، كان عليّ تعلّم كيفية عمل هذه التقنية ومقارنتها بالأدوية المتوفرة حالياً للوصول إلى تصميم يمكن فعلاً أن يستفيد منه المريض بأحد هذه الأمراض. طوّرت الهوية، الرسومات والمعلومات بالإضافة إلى مايوجد داخل العبوّة من سماعات وغطاء للعين وغيرها من الأمور المناسبة لارشادات الاستخدام.
يمكنك الاطلاع على جزء من البحث الذي قمت به هنا والتصفح إن كنت مهتمّاً :
http://mariamawesomedesigns.tumblr.com/page/10
المهم من كلّ هذا وخلاصة الكلام أنّ البحث هو الأساس لأي مشروع وهي المرحلة التي يجب أن تأخذ جلّ وقتك واهتمامك، عندما تصمم مثلاً إعلاناً عن القهوة،، لاتبدأ بالبحث عن "اعلانات القهوة" بل ابدأ بتاريخها، كيف تُزرع، كيف تطورت صناعتها، ثم وبعد أن تعرف كلّ هذه التفاصيل ابدأ بالتصميم وإلاّ فكيف ستخرج بأفكار جديدة؟ الأمثلة التي تراها حتماً ستؤثر عليك وسينتهي بك المطاف تشبه أحد التصاميم التي شاهدتها، لكنّ البحث هو مايميّزك لأنّه يستحيل أن يصل اثنان لنفس النتيجة حتماً حتى وإن كانت البداية متشابهة، بالإضافة إلى ذلك فنحن نعيش اليوم في زمن لايمكن اخفاء أيّ معلومة عن الناس وبضغطة زر يمكنك الوصول لآلاف منها، لذا فهناك تحدٍّ كبير أن تخرج بفكرة جديدة لم تخطر ببال المستخدم حول موضوعك، تجذبه لها وبهذا تحقق مبتغاك من لفت انتباهه للموضوع أو بيعه المنتج.
أتذكر جيدا ردة الفعل عندما حدثتنا عن هذا الاسلوب المجنون في الوصول لحالة معينة!
ردحذفوكيف وجدنا فكرة بيع منتج كهذا في الصيدليات غريبا بطريقة مبهرة ملحة.
أحب هذا النوع من المشاريع، تبدأ متسائلا، تبحث ورحلة البحث ممتعة للحد الذي تنسى به أنك تعمل على مشروع جامعي أصلا! ثم ينتهي بك المطاف بكمية معلومات جديدة وفكرة عبقرية برحلتها ونتاجها..
شكرا لك تدوينتك جاءت في الوقت المناسب.. (:
بالضبط هذا أجمل مافي التجربة!
حذفالشكر لكِ لمرورك وتعلقيك اللطيف