مؤخراً اكتشفت سبباً آخرَ يدعوها للعمل. كان ذلك نهاية يومٍ عاديّ عندما عادت من عملها لتجدَ اتصالاً من والدها، هاتفته فإذا به يسأل عن أحوالها وعن أمرٍ يريدُ له حلاً.
عندما أنهت المكالمة. تأملت طويلاً، قبل سنين ليست ببعيدة من الآن كان أبوها هو مثلها الأعلى في كلّ شيء وكأنّ معارف الكون كلها كانت بين يديه،
تلك الفترة التي يُثرينا بالمعلوماتِ فيها أبوانا، ننبهرُ بهم جداً ونخبرُ كلّ أصدقائنا عن مدى روعة أحاديثهم،
تمرّ السنين وإذا بهذه الروعة تتلاشى شيئاً فشيئاً وخصوصاً مع التقدم التكنولوجيّ العجيب. نصبحُ أكثر تحضراً ومواكبة للعصر منهم، ويصبحون فجأة "دقة قديمة" وشيئاً فشيئاً نتفوق عليهم في أكثرِ من مجال ويلجؤون لنا بصورةٍ لم تعتقد أنّ أحد الأطراف تخيّلها يوماً.
عندما ينظرُ إليها أبواها بهذه الصورة التي كانت يوماً صورتها عنهم; الشخص الذي يُلجؤ إليه عند الأزمات، عند الحاجة لاستشارةٍ ما، عند البحثِ عن حلول، عندما يهاتفونها ليس فقط ليسألوا عن أخبارها ولكن ليستفيدوا من شيءٍ ما تعرفه ويغيبُ عنهم،
تأملت طويلاً في هذا الحال وقطعت على نفسها وعداً بألا تتوقف عن التعلم، وأن تكونَ الأفضل دائماً حتى يظلّ والداها فخورَين بها وحتى لايلجآ لسواها عندما يعوزان أمراً ما.
تأملت طويلاً في كلّ الأسباب التي تدفعها يوماً بعد آخر للاستيقاظ في الصباح الباكر، للعمل، للقراءة ، للتطوع والنجاح، تأملت طويلاً، وأضافت لكلّ هذا سبباً جديداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق